أسدل الستار عن سنة 2019 لتبدأ سنة جديدة بآمال وتطلعات جديدة بمدينة مراكش التي ستكون عاصمة للثقافة بإفريقيا، ولعلها فرصة لتسليط الضوء على المنجز الثقافي الذي تحقق طيلة سنة كاملة.
شمس الحقيقة التي لا يمكن حجبها بغربال الوهم تحيل بما لا يترك مجالا للتحفظ أن المدينة الحمراء خرجت صفر اليدين من سنة 2019 باستثناء بعض المبادرات التي كان من ورائها ثلة من الغيورين، وإذا عرف السبب بطل العجب كما يقول المثل العربي، ذلك أن الإدارة الوصية بشكل مباشر على هذا القطاع وهي المديرية الجهوية للثقافة غارقة من أعلى رأسها الى أخمص قدميها في الارتجالية، ولعل سنة 2019 من السنوات العجاف القليلة التي خرجت منها المدينة بحصيلة ثقافية هزيلة جدا لا تليق بالتراكم الحضاري الغني لمدينة الرجالات السبع.
فعوض أن تتصدر المؤسسة المذكورة المشهد الثقافي محليا وجهويا ( على الأقل ) رأينا كيف أصبح إسمها لدى وسائل الاعلام مرتبطا بجملة من الاختلالات، إن على مستوى مشاريع الترميم وما خلفته من علامات استفهام حول نزاهة فوز مقاول واحد من فاس بثلاث صفقات بلغت قيمتها المالية 780 مليون سنتيم، أو على مستوى تدبير بعض المرافق الحيوية كما هو الشأن بالنسبة لمشروع إعادة الاعتبار لدار الثقافة بالداوديات التي دخلت مؤخرا دوامة من الارتجالية الشيء الذي أصبح في شبه المؤكد أنها لن تكون في متناول مراكش في الأمد القريب، وبالتالي ستخلف موعدها مع التنصيب الشرفي لمراكش كعاصمة للثقافة بإفريقيا، وسيكون على الفعاليات الثقافية الانفتاح على المؤسسات الخاصة التي تلوح بكراء قاعاتها لمن يدفع أكثر، أو لمن يخدم أجندتها الدعائية… ولعل السؤال الذي يتردد على لسان العديد من رجال ونساء المسرح…كيف يعقل في مدينة بحجم مراكش أن لا يكون بها مركبا ثقافيا يليق بصيتها وسمعتها العالمية؟ ، وهل لا يستحيي القيِّمون على الشأن الثقافي أن تلجأ فرق مسرحية من المستوى العالي، إلى مؤسسات التعليم الخصوصي، أو إلى فضاءات تفتقر لأبسط شروط السلامة من أجل عرض إبداعاتها في غياب التحفيزات ورداءة بعض الفضاءات المتوفرة حاليا؟
قالت العرب قديما ” إذا كان رب البيت بالدف ضاربا .. فشيمة أهل البيت كلهم الرقص” ، فتواضع الحصيلة الثقافية لمدينة مراكش مرتبط بتواضع بروفايل المشرفين عليها، وقد عهدنا أن الحاضرة المراكشية تسلم مشعل إدارة شؤونها الثقافية إلى قامات فكرية وفنية من طينة عبد الكريم برشيد وحسن الجندي والقائمة طويلة…
المدير الجهوي الحالي للثقافة لم يشاهد طيفه قط في الأنشطة الثقافية التي تحتضنها المدينة، وكأن مناسبات توقيعات الكتب وافتتاح معارض الفنون التشكيلية والعروض المسرحية، لا تدخل ضمن أجندة دار الثقافة، ولا تستأثر باهتمامها، والنادر لا حكم له، علما ان له ارتباط بحضور وتشريف السيد الوزير لمدينة مراكش كما هو الشأن بالنسبة لاختتام المهرجان الوطني للفنون الشعبية ومهرجان الشعر المغربي، فهل اللقاءات الشعرية والعروض المسرحية والفنية لا تنتمي لحقل الثقافة؟ أم أن الثقافة الحقيقية التي يرتضيها المسؤول الحالي هي فقط تلك التي تتعلق بكيفية هندسة ثلاث صفقات ترميم لتفوز بها شركة واحدة؟ “هذه هي الثقافة عدى ذلك لا يستحق عناء المواكبة والحضور”.
غادرتنا سنة ثقافية عجيفة، نتمنى أن لا تكون 2020 توأمها المبتذل.
التعليقات مغلقة.