الرئيسيةعين على مراكش

تخريب معلمة الخزانة البلدية عنوان لسياسة الارتجال والامية بجماعة مراكش الحضرية

الانتفاضة

بكل الجراة …/ابو اسلام فارس
كيف يمكن ان يتصور سائح اجنبي يزور لاول مرة مدينة مراكش باعتبارها مدينة دولية ولا تتوفر على مكتبة عمومية؟ وسيكبر الاستغراب عندما يعلم هذا السائح الاجنبي ان الهيئات المحلية المسؤولة عن قطاع التنمية بمدينة مراكش تصادق على الافلاس في مختلف الملفات التي ترتبط بشان الثقافة والابداع في هذه المدينة، وماذا لو بعث من قبره ابن تاشفين وعاين ما آلت اليه الامور في عاصمته ؟ ان الفضل في التاسيس للنواة الاولى للمكتبات العمومية بمدينة مراكش قد كان من طرف نخبة من الفرنسيين الذين احبوا مدينة مراكش واقاموا فيها، ففي عشرينيات القرن الماضي تحديدا اسس هؤلاء الفرنسيون اول مكتبة عمومية ودعموها باهم المراجع والمصادر والمؤلفات،واشرفوا ايضا على تسيير شؤونها الادارية وتدبير رصيدها الوثائقي الهام،واستمرت هذه المكتبة العمومية في خدمة مثقفي المدينة وباحثيها في مختلف مجالات المعارف، واستمرت مكتبة مدينة مراكش هذه بعد الاستقلال لتصبح ، على اثر ظهور قانون الجماعات المحلية، مكتبة تحت اشراف الهيئات المحلية المنتخبة، ليصبح اسمها الخزانة البلدية، وامام غياب الحس الثقافي لدى المنتخبين،كما هو معلوم دائما، فان (الخزانة البلدية) ظلت على ما تركها عليها مؤسسوها الفرنسيون دون ان تحظى باقل اعتبار من لدن الجهات المحتضنة الجديدة، واستمرت على حال الاهمال حتى العام 1982 عندما بادر مجلس المدينة في تلك الفترة الى تاسيس البناية الجديدة التي كانت حقيقة معلمة مميزة في شارع باب الجديد ممتعة بموقع يجاور العديد من المعالم التاريخية كصومعة الكتبية و( دار مولاي علي) وغيرها، استطاعت هذه الخزانة البلدية بالفعل ان تنفتح على مختلف المؤسسات التعليمية من مستوى الابتدائي حتى مراحل التعليم العالي، كما استقطبت مثقفين وباحثين ومهتمين بشان المعرفة والابداع ليس فقط بمدينة مراكش بل على المستوى الوطني والعربي ايضا،ومع مرحلة التسعينيات بدات خزانة مراكش البلدية تسجل تراجعا يترجم للمستوى الثقافي والاجتماعي والسياسي المتردي للمشرفين الجدد الذين التحقوا بكراسي المسؤولية في مجلس بلدية مدينة مراكش،لتسير الخزانة البلدية في منعطف اخر انتهى بها الى بها الى نسف وخراب محقق، لتصبح هذه البناية الثقافية الهامة اليوم كالأطلال تتوسط مدينة العلم والفكر والحضارة مراكش، قد كانت بالأمس محجا للعديد من المرتفقين الذين كان يجمعهم العلم من طلبة باحثين في مختلف اجناس المعرفة والذين كانوا ينتمون الى مختلف الاسلاك التعليمية، ومن محبي المطالعة والمهتمين بشؤون القراءة والكتاب،واذا كان ابو الطيب المتنبي قد قال ذات يوم:
ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى عدوا له ما من صداقته بد


فان من سوء حظ الثقافة في بلادنا هو قدر الاشراف عليها وعلى مرافقها من طرف مسؤولين بمؤسسات منتخبة قد ولدت اصلا من رحم الجهالة والامية، ومن نكد الدنيا على مرفق الخزانة البلدية لمدينة مراكش ان مجالس الهيئات المنتخبة كانت تتعاقب على كراسي المسؤولية ولا تصادق الا على الافلاس الذي طال بظلم كبير حقل الثقافة والابداع بمدينة مراكش مهد العلم والفقه والفن والادب والمقاومة، مراكش التي اعطت كبار شعراء لغة الضاد يتصدرهم اسم شاعر الحمراء محمد بن ابراهيم الذي بلغ صيته اقصى دول المشرق العربي ومنتخبو المدينة لا يكادون يعرفون عنه شيئا،هذا وافتح قوسين لاسال مجلس المدينة الحالي ، وهو نفسه المجلس البلدي الذي اشرف على تدمير الخزانة البلدية بحجج المشاريع الفارغة اتلتي ترتبط بتصورات اجنبية تستهدف نسف كل ما له علاقة بمقوماتنا الحضارية وثقافتنا العربية الاسلامية، افتح قوسين لاسال مجلس المدينة الحالي 🙁 ما رايكم في الافلاس الذي صادقتم عليه قبل مدتكم الانتدابية هذه، والذي بمنقتضاه اتخذتم العزم بنسف اكبر معلمة ثقافية في عاصمة ابن تاشفين مراكش، معلمة الخزانة البلدية)؟؟؟؟؟ ،مراكش المدينة الدولية بدون مكتبة، وفي اعرق بلاد الله كان ولازال المسؤولون الوطنيون حقا حريصون على العناية بمختلف المرافق الثقافية تتصدرها المكتبات العمومية خدمة للشعب واسهاما في ترسيخ بنود التنمية التي تقوم على اسس العلم والمعرفة، ونحن في بلادنا يقوم المسؤولون على تخريب مؤسساتنا الثقافية، واتلاف رصيدنا الوثائقي حتى يظل الناس في ظلمات الجهل يعمهون، تأملوا واقع خزانة مدينة مراكش كيف تم تخريبها واتلاف رصيدها الوثائقي ، صور لواقع يدمي القلوب، ويقال، والله اعلم، بان مكان مرفق الخزانة البلدية هذه، سيؤسس مجلس جماعة مراكش فضاء للعب الاطفال نهارا، ولرقص الايروبيك للنساء ليلا، امة ضحكت من جهلها الامم، واتساءل ختاما والجرح بنزف:ماذا لو بعث مؤسس مراكش يوسف بن تاشفين من قبره لمدة 24 ساعة، ماذا سيكون تعليقه على مجريات الامور في مدينة الفكر والحضارة التي تم فيها اغتيال كل المقومات الاصيلة، كما تم فيها اتلاف اسواق الكتاب وطمس معالم الفكر والثقاف؟ وكأني بكل غيور على شؤون عاصمة ابن تاشفين وهو يتأمل هذا الواقع يستحضر مطلع لامية العرب للشنفرى عندما قال : اقيموا بني امي صدور مطيكم فاني الى قوم سواكم لأميل

ابو اسلام فارس/مراكش

جريدة الانتفاضة

بين صفحاتها للكل نصيب ترى أن التحاور مع الآخر ضرورة وسيجد هذا الآخر كل الآذان الصاغية والقلوب المفتوحة سواء التقينا معه فكريا أو افترقنا ما دمنا نمتلك خطابا مشتركا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى