الانتفاضة
أكرام
جدل واسع ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي ولا تزال، بسبب ما يعرف بالمحسوبية والزبونية. فما لبثنا نحاول تناسي غلاء الأسعار الذي هتكت جيب الشعب المغربي بكل المقاييس ، ونستعيد الفرحة في ظل الانجاز التاريخي الذي حققه المنتخب المغربي في مونديال قطر 2022، ونسي المغاربة أزمتهم الأولى “غلاء الأسعار” وتذوقوا من جديد طعم الفرح والسعادة، حتى جاءت عدة فضائح نكست هذه الفرحة أولها ”فضيحة التلاعب بتذاكر مونديال قطر” الفضيحة المدوية التي انفجرت في مطار الدوحة حول تذاكر مباراة المغرب ضد فرنسا برسم دور نصف النهائي، حتى تعالت أصوات الاحتجاج والاستنكار في الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي وداخل قبة البرلمان، منددة بما حدث من فوضى عارمة بسبب التلاعب والاتجار في التذاكر التي وفرتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لفائدة المشجعين المغاربة، مكتفية بإسناد مهمة توزيعها لبعض منعدمي الضمير عوض اعتماد طريقة مؤسساتية. وما هي إلا أيام قليلة حتى وجد المغاربة نفسهم أمام فضيحة أخرى من العيار الثقيل طالت أهم ركيزة من ركائز المجتمع، ألا وهي العدالة و”زبونية نتائج مباراة أهلية المحاماة”. وذلك عقب إعلان نتائج امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، دورة دجنبر 2022، إذ استغرب الكثيرون نجاح 2081 متباريا فقط من أصل 70 ألف متبار اجتازوا الامتحان علاوة على بروز أسماء ناجحين يحملون ألقاب محاميين وقضاة معروفين وعدد من الأسماء ذات صلة بوزراء وسياسين ذوي نفوذ. مما أدى إلى ردود فعل غاضبة ضد بطل هذه الفضيحة وزير العدل عبد اللطيف وهبي ورئيس الحزب الذي حصل على الرتبة الثانية بالانتخابات الماضية والتي مازال المغاربة يعاني من بطشها وفسادها، ناهيك عن تصريحاته لا أخلاقية والمستفزة للمواطن المغربي في كل مرة يخرج فيها إلى الإعلام، وارتفعت أصوات تطالب بإلغاء الامتحان وتدخل النيابة العامة لفتح تحقيق في الموضوع، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول اعتماد مبدأي الكفاءة والشفافية؟ هل هذه الأفعال مقصودة ومحبوكة من طرف حكومة غير معروفة تخطط في الخفاء وتنفذ مشاريعها لشغل الرأي العام بهدف نسيان غلاء الأسعار؟
من جد وجد مقولة قتلتها المحسوبية بعد ان كانت شعارا حفظه لنا آباؤنا ومعلمينا منذ الصغر لنصدم بعدما كبرنا وحاولنا ايجاد نتائج الجد ونتائج هذه المقولة بأنها كانت مجرد مقولة حبرا على ورق، ولكن واقع الفساد الإداري الذي نعيشه ضرب بها عرض الحائط ، ففي هذه الأيام التي كثر فيها المفسدون وأصبح فيها المجتهد والمخلص محاربا، لم تعد لهذه العبارة ذات معنى، هذه الآفة أمر في غاية الشناعة ،وهوان ما بعده هوان، ، ومن يغلل يأتي بما غلّ يوم القيامة .
الواسطة والزبونية ، ظلم صارخ لذوي الكفاءات والمؤهلات الذين تصير مناصبهم ومهامهم ووظائفهم المستحقة إلى من لا يستحقونها ولا كفاءة لهم على حساب الصالح العام ، وشكل من أشكال الفساد الإداري،وهي تفضيل الأقارب والأصدقاء الشخصيين بسبب قرابتهم وليس كفاءتهم، وجريمة يعاقب عليها القانون لما فيها من اعتداء على حق الآخرين واعتداء على أسس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، لكونها يمكن أن تلغي حقاً او تحقق باطلا، فعندما تغيب المبادئ والقيم الأخلاقية، يصبح المحظور مباحًا، وخير دليل عبارة “أنا من طرف فلان” التي دائما ما تكون من الكلمات السرية لفتح مغارة علي بابا المؤصدة فهذه العبارة تفتح لك الأبواب وتسهل لك الصعوبات على حساب مواطنين أكثر كفؤا واستحقاقا لدخول هذه الأبواب. ولا ننسى المحسوبية باعتبارها أكثر أشكال الفساد الإداري انتشارا وهي عبارة عن تعيين مسؤول علي مصلحة ويوظفها في مصلحته الخاصة على حساب المصلحة العامة، فهذا يعني انه غير مؤهل لتحمل المسؤولية.
إنه لمن المخزي بالنسبة لبعض من صاروا مسؤولين في بعض القطاعات عن طريق المحسوبية، أن الرأي العام يعرف جيدًا كيف صاروا مسؤولين، وفيهم من يسخر الناس من مقايضته المسؤولية حتى بعرضه وشرفه، ومع ذلك يقبل تجرع مرارة الهوان والذل من أجل الاحتفاظ بمنصب المهانة اليومية واللعنة الأبدية. وما يجعل هؤلاء المسؤولين الفاسدين مرتكبي هذا الجرم يصلون إلى هذا الحد من الجرأة إلا وهم مستيقنين بأنهم فوق المتابعة، والمحاسبة بحماية من ” المحسوبية والزبونية”.
الفساد يهبط من أعلى إلى أدنى، والإصلاح يصعد من أدنى إلى أعلى ،فمتى سنحاربه ونقاطع مثل هذه الظواهر والآفات الخطيرة التي تهدم وتحطم مستقبل وآمال وجهد شبابنا، والذي يمضي حياته في محاربة جميع الظروف القاسية التي يمر منها لطلب العلم ونيل الشواهد آملا أنه سيجد ما يستحق من نجاح وتقدير بعد جده وعناءه وسيحصل على فرصته المستحقة عن جدارة؟ ومتى ستتم محاسبة المتسببين في إهدار حقوق المواطنين؟.