كتاب الآراء

وجهة نظر في وفاة صاحب الدراجة بعد مطاردته من طرف رجل أمن بالدار البيضاء

الانتفاضة 

بقلم محمد السعيد مازغ

تتبع العديد من نشطاء التواصل الاجتماعي قضية الشرطي الذي يشتبه في أنه كان السبب في موت شاب في مقتبل العمر، وإصابة فتاتين بإصابات بليغة. 

الأخبار تشير إلى أن السيد عبد اللطيف الحموشي رئيس مديرية الأمن الوطني دخل على الخط، وبادر بإعطاء أوامره بتوقيف الشرطي مؤقتا، ووضعه تحت الحراسة النظرية في انتظار نتائج البحث القضائي الذي أنيط بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالدار البيضاء،تحت إشراف النيابة العامة. 

وكما عودتنا بعض الأقلام، وما تعج به قنوات التواصل الاجتماعي من أحكام قيمة، أُطلِق العنانُ لتحميل رجل الأمن المسؤولية الجنائية، والمطالبة بتشديد العقوبة، متسائلين عن قانونية المطاردة وتعمد إسقاط الراكب بالرجل للتمكن منه، في حين ذهب البعض إلى تهور بعض سائقي الدراجات النارية المعدلة، وفوضى الطرق، والتي أصبحت تشكل خطرا على السائق نفسه، ومستعملي الطريق من الراجلين آو الركاب بسبب سرعتها الفائقة، والتحدي السافر لبعض الطائشين من الركاب الذين لا يعيرون بالاً للإشارات الضوئية، وعلامات المنع، ولا يستجيبون لممثلي القانون، حيث يتخدون من الهرب ومن السياقة الجنونية وسيلة لإبراز الذات ولفت الانتباه، أو للافلات من قبضة الشرطة، ومن المعلقين في تلك القنوات من يحمل المسؤولية للمجلس الجماعي الذي ترك حفرة كبيرة دون غطاء، أو إصلاح، الشيء الذي تسبب بدوره في المأساة ، وطال الحديث وتشعبت الآراء بين مؤيد وناقم، ولم تسلم التربية والأسرة والوضع الاجتماعي والمحيط، وعدم الوعي بأهمية الخودة وحزام السلامة، من مساءلات وأحكام تسبق نتائج التحقيق وكلمة القضاء. …

من هذه الملاحظات ما جانب الصواب، ومنها من وافقه ،وقد تجتمع بعض العناصر لتشكل مادة دسمة تحيل على استنتاجات يمكن اعتمادها خارج الإجراءات المزمع اتخاذها من طرف مديرية الأمن، ونقصد أن وضع الشرطي تحت الحراسة النظرية قبل تجميع المعطيات التي تتم من خلالها إدانة الشرطي أو تبرئته من المنسوب إليه، تعتبر حيفا في حقه، وقد تنجم عنها انعكاسات نفسية خطيرة داخل أوساط رجال الأمن، على اعتبار أن أي مخالف للقانون سواء على مستوى السير الطرقي أو الإجرام، على الأمني أن يضع في الاعتبار العواقب التي يمكن أن تترتب عن ملاحقته ومطاردته ، فإذا كان القيام بالواجب ينتهي بالحراسة النظرية وبالتوقيف عن العمل في حالة طارئ عرضي غير متعمد، فإن ذلك يؤدي لا محالة إلى خلط الحابل بالنابل، وكما يقول المثل المغربي : “كم حاجة قضيناها بتركها”. .

وفي اعتقادي الشخصي أن المديرية العامة للأمن الوطني كان حريا بها أن تعطي للشرطي إجازة مؤدى عنها، في انتظار نتائج التحقيق، والكشف عن الظروف والملابسات الحقيقية المرتبطة بالحادث المروري. خاصة أن بلاغ الإدارة العامة للأمن الوطني يؤكد على أن  الشرطة القضائية المكلفة بالبحث باشرت تفريغ مجموعة من المحتويات الرقمية انطلاقا من كاميرات للمراقبة التي وثقت الحادث، كما أنها استأنست بإفادات شهود عيان الشيء الذي سيعجل من الوقوف على الحقيقة، واتخاذ الإجراءات المناسبة بكل موضوعية وحياد. 

إن أكبر التحديات التي يواجهها رجال الأمن، هي المقاومة التي يبديها المخالفون والمجرمون وتجار المخدرات، والتي تكون أحيانا شرسة قد تفضي إلى القتل أو الإصابات البليغة في صفوف الأمنيين وأحيانا يكون ضحيتها مواطنون تصادف وجودهم بالحادث ، وبعض الجانحين يفرون بسرعة خارقة سواء على الدراجة النارية، أو السيارة معرضين أنفسهم وغيرهم إلى الخطر، ومن المنحرفين وذوي السوابق من  يكون مدججا بالسلاح الأبيض وغيرها ، فكيف يمكن مواجهة هذه العوارض وسيف العقوبات مسلط على رقبة رجل الأمن!! ؟ ،  كيف ستتحقق هيبة الدولة في ظل مقاربة قد تساهم في الإفلات من العقاب، وتفضي إلى التغاضي عن المخالفات، والسلوكات اللاقانونية . وقد يزداد الأمر سوءا حين لا تتوفر في المكان كاميرات المراقبة، ولا أدلة ملموسة يُعْتَمَد عليها لتبرير التدخل المفضي إلى الموت. 

نحن لا نبرئ ساحة رجل الأمن، ولا نرمي إلى إلصاق التهمة بالضحية، فكأي جهاز فيه عناصر تشرف المهنة، وتستحق التقدير والاحترام، وفيه الفاسد الذي يخل بالواجب ويسيء إلى المهنة، وما وضع القانون الا لترتيب الجزاءات على كل من ثبت في حقه تقصير في مهامه، او شطط في استعمال السلطة أو العنف غير المبررين، وفي جانب آخر حماية حقوق الإنسان، وتحقيق العدل والإنصاف إذا ثبتت البراءة، و حددت نتائج البحث المسؤوليات َ.. 

رحم الله الشاب الذي توفي في مقتبل العمر ، وألهم ذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى