دولية

منطقة آسيا الشرقية على ايقاع التغيرات الجيوستراتيجية

الانتفاضة

تعيش منطقة آسيا الشرقية في الأيام الأخيرة على ايقاع حركة دبلوماسية حقيقية، وهو ما يؤشر على التغيرات العميقة التي تحدث في هذه المنطقة الاستراتيجية جدا، وذلك في ظل التوتر القائم بين القوى الكبرى.

وغادر الرئيس الصيني شي جين بينغ صباح اليوم الأربعاء روسيا عائدا للصين، بعد زيارة دولة جرى خلالها مناقشة قضايا مهمة من بينها الحرب في أوكرانيا مع القادة الروس. وقبل ذلك قام الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول بزيارة لليابان الأسبوع الماضي لحضور أهم قمة بين طوكيو وسيول منذ اثني عشر عاما.

ويقول المحللون إن هذه الزيارات تعكس الحركية التي تعرفها المنطقة في بداية سنة من الأمل التي تبشر بنهاية وباء مدمر، لكن مع حالة كبيرة من الشك ناتجة عن أزمات جيوستراتيجية مترابطة، معتبرين أنه فصل ستظهر آثاره في جميع أنحاء العالم.

ودعا الرئيس الكوري الجنوبي عقب عودته لبلاده بعد زيارته لليابان، لطي صفحة الماضي المؤلم مع الجار الياباني للتقدم نحو علاقات جديدة رابح – رابح للجانبين.

وكما أشار لذلك السيد يون، يتعلق الأمر بواقع جديد للتخلي عن “القومية العدائية” والعمل سويا “بحثا عن المصالح المشتركة”.

وتعتبر الخطوة التي تم اتخاذها مهمة في ضوء التحديات التي تدفع البلدين لتجاوز الماضي الذي يثقل كاهل العلاقات بينهما، لاسيما الفترة المظلمة للاستعمار الياباني لشبه الجزيرة الكورية (1910-1945) والعديد من القضايا الشائكة المرتبطة به.

وبحسب المحللين فإن التقارب بين سيول وطوكيو مدعوم من طرف الولايات المتحدة، الحريصة على مواجهة التهديد الكوري الشمالي والطموحات المتزايدة للعملاق الصيني.

وقال أندرو يو، رئيس قسم الدراسات الكورية في مؤسسة كوريا إن “تقوية العلاقات الثلاثية بين الولايات المتحدة، واليابان وكوريا الجنوبية مؤشر ايجابي”، لذلك سيكون للتقارب الياباني الكوري آثار إيجابية على استراتيجية الإدارة الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وفي بكين، يتابع القادة الصينيون بـ “حذر” تطور التحالف الياباني الكوري الجديد، حتى أن الصين ذهبت إلى حد التعبير، من خلال المتحدث باسم وزارة الخارجية، وانغ وين بين، عن معارضتها لما وصفته بتشكيل “تكتلات حصرية من بلدان فردية”.

وقال المتحدث إن “الصين تأمل أن تتطور العلاقات بين اليابان وجمهورية كوريا في اتجاه السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي”.

وبعد أن ذكر المسؤول بالماضي المؤلم الذي تتقاسمه الدول الثلاث، شدد على أنه من المصلحة المشتركة لهذه الدول والمنطقة برمتها الحفاظ على استقرار وسلاسة سلاسل الصناعة والتوريد على المستويين الإقليمي والعالمي.

وتندرج هذه السلاسل في صلب التغييرات في هذا الجزء من العالم. وعلى مستوى هذا الملف لا يبدو أن الصينيين، انطلاقا من تصريحات المسؤولين من أعلى هرم السلطة، على استعداد للتخلي عن الدور المحوري الذي يضطلع به البلد “كمصنع للعالم”.

ويشير المحللون إلى أن أزمة أوكرانيا تشكل الساحة التي تدور فيها هذه المعركة من أجل سلاسل التصنيع والإمداد العالمية. وليس من قبيل الصدفة أن الرئيس الصيني شدد على أهمية هذه السلاسل، في مقال نشرته الصحافة الروسية عشية زيارته روسيا.

وفي معرض حديثه عن حل النزاع الروسي الأوكراني، ذكر السيد شي بأن بلده وضع على الطاولة العديد من مقترحات الحلول، من بينها “احترام أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والأخد بعين الاعتبار الانشغالات الأمنية المشروعة لجميع البلدان ودعم جميع الجهود الرامية لحل سلمي للأزمة، فضلا عن ضمان استقرار سلاسل الصناعة والامداد العالمين “.

وأضاف أن “هذه النقاط أصبحت مبادئ تأسيسية للسياسة الصينية لحل الأزمة في أوكرانيا”.

وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس الصيني بالأراضي الروسية، قام رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بزيارة غير متوقعة لأوكرانيا. وهي مقاربة بحسب المحللين، تعكس الاتجاهات المختلفة للحركية الدبلوماسية التي تعيش على ايقاعها منطقة آسيا الشرقية، وهو ما يؤشر على تطورات تضع الرأي العام الإقليمي والدولي في حالة ترقب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى