كتاب الآراء

التدبير الإداري للشأن المحلي لمدينة الصويرة بين المد والجزر

الانتفاضة 

بقلم محمد السعيد مازغ 

كثيرة هي الأصوات الحرة التي ترتفع منددة بما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.. بمدينة الصويرة، وهي تسرد جاهدة عبر ” لايفات”، وتدوينات مجموعة من الاختلالات التي تشهدها بعض القطاعات الحيوية المرتبطة بالمعيش اليومي، كغلاء الأسعار، وَقلة فرص الشغل، وبطء الأشغال البلدية ، وابتعاد الإدارة عن مصلحة المواطنين، وغياب الشفافية في بعض الصفقات العمومية وغيرها من المؤاخذات التي يعتبرها البعض ضربا للديمقراطية، وتهميشا متعمدا للكفاءات الشابة ، وإقصاء للطبقات الشعبية الفقيرة، وهدرا للمال العام، و عشوائية في تدبير الشأن المحلي..، مما يؤدي حسب هذه الفئة إلى رداءة الخدمات المقدمة للمواطنين،  ويزيد من حدة الفقر والتهميش، ويساهم في تعميق الفوارق الفردية ويكرس مجتمع الطبقات .. .

قد لا يختلف إثنان أن الاحتجاج على أوضاع ما، حق مشروع، ويدخل أغلبه في إطار حرية التعبير والحق في المعلومة، والغيرة على مصلحة المدينة، والتطلع إلى التغيير الإيجابي، وبناء أسس التنمية المستدامة، وتقريب الخدمات الادارية من المواطنين. ، كما أن المطالب المشروعة هي دليل على حيوية المجتمع، ووعيه بما له من واجبات ، وما عليه من مسؤوليات، وعلى الجهات المعنية العمل على تَمثين جسور التواصل مع القوى الحية بالمدينة والأخذ بالاقتراحات الوجيهة، والبدائل الممكنة بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، والخلفيات الشخصية المبنية على المغالاة في تمجيد الذات، وتبخيس مجهودات الآخر، بل وتحميل الغير مسؤولية الفشل في تدبير الشأن المحلي، والعجز عن إنهاء الأشغال في الوقت المحدد لها أو قبله، والأنكى من ذلك ،السعي إلى إسكات تلك الأصوات، واتهامها بالتحريض والافتراء.

مقابل ذلك، قد تكون الأحكام مجانبة للصواب في غياب  الوضوح والجرأة على الإفصاح عن المعطيات الدقيقة، والجهر بمكامن الداء لأسباب ذاتية وموضوعية وضمنها دعوى السر المهني، حيث يتجاهل اغلب المنتقدين للأوضاع المجالية والمجتمعية أن المسؤولين يشتغلون وفق ما يتوفرون عليه من إمكانيات، ووفق ما يسمح به القانون، فلا هم قادرين على دفع المستحقات المادية المتأخرة للشركات المتعاقد معها في إنجاز المشاريع مثلا، او تقديم شيكات “شخصية” ضمانة لتشجيع تلك الشركات المثقلة بالديون على المضي قدما في أشغالها دون مشاكل تذكر، أو تعطيل للأشغال، كما لا يملكون قوة الضغط على الجهات الحكومية من أجل توفير السيولة المطلوبة في الوقت المحدد، والوفاء بالالتزامات الموثقة في محاضر رسمية. 

إكراهات كثيرة تعترض المسؤولين، و أغلبهم يواجهها بالصمت أحيانا، وبالمناورة والتسويف احيانا، وتستمر تلك الإكراهات والمثبطات في طي الكتمان، علما ان الميزانيات المخصصة لبعض المؤسسات العمومية لا تفي بسد الحاجيات الضرورية، وبالأحرى الحديث عن المشاريع الفخمة المكلفة، في حين مؤسسات أخرى تستفيد من ريع الصناديق السوداء، وتنعم في بحبوحة العيش، ولا تطالها مساءلة شعبية، ولا تسلط عليها الأضواء الكاشفة للفساد المالي والإداري الحقيقيين. 

إن الحديث عن غلاء المعيشة، وقلة فرص الشغل.. يمكن اعتبارها ظاهرة عامة، وليست مدينة الصويرة استثناء، فمعاناة المواطن مع الأسعار المشتعلة، وتراجع المداخيل بفعل الآثار السلبية للجائحة، والقرارات الحكومية العشوائية التي أفضت إلى إفلاس مجموعة من الشركات، وزلزلت أركان اعثى المحلات التجارية والمقاولات، ونجم عنها ارتفاع نسبة البطالة، وخنق الاقتصاد، وقد يزداد الأمر سوءا مع المستجدات العالمية وحروب الاستنزاف الممنهجة من طرف اللوبيات الدولية. 

عموما ليست مدينة الصويرة مدينة موبوءة كما يصورها البعض،  وليست الطريقة التي يتم بها تأهيل المدينة وتثمينها نموذجا يحتدى به، مقارنة بمدن تاريخية مغربية التي نجحت مجالسها المنتخبة من رفع  وثيرة الإصلاحات، وهي على وشك الإعلان عن نهاية أشغال البرنامج التأهيلي، هناك إيجابيات لا ينكرها الا جاحد، وهناك سلبيات تحتاج إلى المزيد من الاجتهاد والحزم والدعم المادي، وتغليب روح المواطنة، ورصد كافة العثرات والعمل على التغلب عليها وفق مقاربة تشاركية جدية تساهم كل الأطراف في نجاحها بكل مسؤولية. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى