كتاب الآراء

كن ابن من شئت واكتسب أدبا

قَلَّت في زماننا الأخلاق الحميدة والمعاملات الإنسانية، وَاكْتسح القبح والرديلة شوارعنا وبيوتنا ، بعد ان بَسَطَت الأنترنيت ومواقع الشات، والأفلام الإباحية، والأفلام التركية وغيرها نفوذها ، وأضحت واقعا لا مفر منه، عالم الإبحار بدون حدود، وبدون سن محددة، فحتى الرضع اليوم، انشغلوا بالألوان وما يقدم لهم من برامج باسم الترفيه والتربية والعلم، وبعض الشيوخ رغم ضعف بصرهم، يغرسون أعينهم في شاشة الهاتف أو الكومبيوتر، من أجل التحقق من هوية المتكلم، أو مشاهدة الكم الهائل من المقاطع السمعية البصرية التي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي. 

وفي حقيقة الأمر ، فمضار هذه الأجهزة،  أكثر من منافعها، خاصة في غياب وسائل تحصين الشباب واليانعين وابعادهم عن كل ما يضر صحتهم العقلية والنفسية، ويؤثر على صحتهم الجسدية، وعلى سمعهم وبصرهم، ومن هذه البرامج ما يوجه إلى تخريب العقول، وتشكيكهم في قناعاتهم ومعتقداتهم، و قيمهم ، أما البرامج الهادفة، والمواضيع المهمة، فروادها يمثلون نسبة قليلة مقارنة مع رواد التفاهة والخلاعة. 

عالم اليوم مليء بالمتناقضات، تتَحكَّم فيه الماديات وحب الشهوات،  فكثير من الناس أعمت بصائرهم الدراهم وأكل السحت والحرام، أصبح التغني بالأصل والفصل، وتشييد البنايات، وركوب السيارات الفارهة، وتسمين الأرصدة البنكية سمة مجتمعية تكاد تصبح ماركة مسجلة تسمح بالتجاوزات وخرق القانون،وفي المقابل، مواطنون يعيشون على الهامش، يجوبون الازقة والاحياء بحثا عن حاويات الأزبال، علها تتفضل عليهم بلعبة مكسرة، أو آلة حلاقة فاسدة، أو قطعة خبز يابس، كل شيء قابل للبيع والشراء، ولكل بضاعة اناسها ورزقها، وفي ظل ذلك، تدور عجلات الحياة,

غير ما مرة، تطرق مسامعك عبارات يندى لها الجبين،  أصبح البعض يجهر في الشارع العام بالكلام الساقط، ويتعمد رفع صوته، وكأنه من جهله يعتقد أن ما يتفوّه به يثير إعجاب الناس، وما يفتخر به ويتبجح بتحقيقه يجعله بطلا في عيونهم، وشخصية تحنو لها الجبال، وتفتح بإشارة منها الابواب المغلقة ، و الحصون المنية. والأنكى والأمر، أن بعضهم تجاوز مرحلة الزعيق والجعجعة بلا طحين في الشوارع، وبات يبحث عن الشهرة في الملتقيات و التجمعات وفي مواقع التواصل الاجتماعي، ويكوِّن علاقات مشبوهة وجماعات مكونة من الذكور والإناث، تجمعهم السَّفالة وقلَّة الحياء، وحب الظهور، وهم يفْرغون كبْثَهم، ولا يجدون أمرا مهما يستحق مناقشته سوى المؤخرات، والجنس، والشعوذة، والمال…  والنميمة والغيبة…والبحث عن البوز، وتصيد زبائن آخر الليل من تلك المواقع، بعد أن بارت سلعة الجنس الرخيص ، وبات الخوف من انتشار فيروس كورونا ، والحجر الصحي ، يفرض نفسه، ويجبر الكثير على تجنب الأوكار، والملاهي، والامتثال للإجراءات الاحترازية التي تجعل في التباعد الجسدي، وعدم الاختلاط بالآخرين سبيل السلامة والأمن.

فئة أخرى من المثليين والمتحولين جنسيا، بعدما كانوا في وقت ما ، يمارسونشذوذهم بعيدا عن الأعين، أصبحوا اليوم يتسابقوني على استخدام أدوات مثل منصة مؤتمرات الفيديو  سكايب،  أو الوات ساب،  أو الميسانجر ، او الفيس بوك، ويتنافسون مع العنصر النسوي في العرض والطلب بالوجه المكشوف، بل ويتزاحمون معهن على صالات التجميل والتدليك، وأصبحوا يتغنون بأمراضهم، ويطالبون بحقهم في الزواج المثلي، وفي تقليد النساء في لباسهن، ومشيتهن،

وفي طريقة حديثهن، وفي الرقص والغناء ، ولا يجدون حرجا في الدعوة علنا إلى المعاشرة والعلاقات غير المشروعة. و سياسيون يتحدثون باسم الحرية وحقوق الإنسان، عن الحق في الممارسات الجنسية التي تتم بالتراضي بين الأشخاص من نفس الجنس أو من جنس مختلف، ويطالبون بسن قانون حماية الشهوات، وإشاعة الدعارة والفساد وسط العباد، متجاهلين ما يترتب على مثل هذه الدعوات من انحلال خلقي، وأمراض متناقلة جنسيا وكبت وعنف،

فإلى متى نعيش على وقع التناقضات، وننتفرج على عاصفة شديدة الهيجان،قد تاتي على الاخضر واليابس ان لم نبادر بإصلاح التلعيم، والصحة والعدل، وهو الثالوث الذي نبه الكثير من الباحثين والمفكرين والعلماء إلى أن بدون إصلاحه، سنظل نعيش تهديدا حقيقيا لثالوت الجهل والأمية والفساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى