ثقافة و فنكتاب الآراء

صاحبة الجلالة في خدمة الانسانية

الانتفاضة 

بقلم الإعلامية ذ مينة حسيم 

عندما نتحدث عن الصحافة والإعلام، فإننا نتحدث عن نشر الأخبار والمعلومات والمعارف بين الناس، من أجل الاطلاع على المعلومة، وتزويد العقل الإنساني بالمعرفة في مجالات الثقافة والفكر والعلوم والرياضة والسياسة والآداب والفنون، وكل ما يتعلق بالأنشطة البشرية في محيطها المكاني والزماني، وقد كان نشر الأخبار بين الناس قديما، يتم عبر قنوات عادية جدا،وبطرق بدائية بسيطة، تتمثل في نقل الخبر بين اثنين أو مجموعة من الناس شفويا، وبعد ذلك عن طريق الكتابة اليدوية من أجل الإخبار والتبليغ ،وإعلام الآخر بما يحدث ويستجد، وبعد اختراع الطباعة توسع مجال نقل الخبر عبر الصحف والمجلات،خاصة في القرن السابع عشر الذي عرف ظهور الصحف، والقرن الثامن عشر الذي شهد ظهور المجلات وانتشارها في العديد من دول العالم، لكن الصحافة العالمية عرفت انتشارا واسعا في القرن العشرين بسبب التقنيات الجديدة، والوسائل التكنولوجية المتطورة، التي أحدثت ثورة كبرى في العديد من القطاعات الحيوية التي تخدم الإنسان في حياته العامة والخاصة على السواء،وعرف معها العالم ظهور الإذاعة والتلفزيون والسينما،لتؤدي العولمة بعد ذلك إلى ظهور الأنترنيت أو ما يسمى بالشبكة العنكبوتية في القرن الواحد والعشرين ،لتنتشر المعلومة بعدها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وليصبح الخبر متاحا للأغلبية العظمى،إن لم نقل أصبح متاحا للجميع في إطار ما شهده العالم من ثورة تكنولوجية يتوسع نطاق مجالها يوما بعد يوم فيما يسمى بالديجيتال، أي الإعلام الإلكتروني…
وتعتبر الصحافة جزءا من الإعلام الذي يضم الصحف والجرائد والمجلات والبث الإذاعي والتلفزيوني، وكلها عمل واجب ومسؤولية وحق للجميع في معرفة الخبر، والتوصل بالمعلومة وتنوير الفكر البشري بالجديد من المعارف والمعلومات، من أجل نشر العلم والمعرفة والخبر المستجد، وطرد شبح الجهل القاتل المميت، مع تقريب المسافات السمعية البصرية بين الشعوب، شريطة أن يكون هذا الإعلام هادفا نزيها،لأنه كما يقال على ألسنة الكثيرين:” الإعلام سيف ذو حدين ” ، إذا أحسن استعماله كان خيرا كبيرا للمجتمع ،ووسيلة بناء وتطور وازدهار وتنمية كبرى للأمم والشعوب ،وإذا اسيئ استخدامه كان وبالا وشرا، وأدى إلى التدهور والتأخر والانحطاط ، لهذا يجب الحرص في هذا الجانب على التكوين الهادف في مجال الصحافة والإعلام حتى يكون الجني مثمرا، والنتائج سارة ومفيدة…
ونحن اليوم في القبة الرابعة عشر للرابطة المراكشية للثقافة وإحياء الموروث الشعبي، نستقبل وجها إعلاميا معروفا في مجال الصحافة المكتوبة، وجه ينتمي للجسم الصحفي بامتياز،حيث مقالاته وأنشطته في جريدة الانتفاضة وغيرها من المنابر الإعلامية تقول لنا الكثير ،وتنبئ عن مستوى اخلاقياته وسلوكياته في هذا المجال،وثوراته الكلامية، ومقالاته الصريحة غيرة على هذا الميدان ،تؤكد أن الأستاذ محمد السعيد مازغ، يعرف حق المعرفة أن الصحافة يجب أن تكون ذلك المعبر الذي يؤدي بالمجتمع نحو التقدم والازدهار ، والجسر الذي يقود إلى بر الأمان، بنشر كل ما هو هادف بنزاهة وصدق وإخلاص، دون مجاملة أو تحايل أو إخلال بالأمانة الإعلامية،لأن في ذلك قوة عظمى للإعلام، هذه القوة التي تستطيع التأثير في المجتمع،وتساهم في تعزيز الوعي الاجتماعي،وتطوير الملكات الإبداعية، والنهوض بأساليب العلم والمعرفة،وتغيير أنماط العيش والسلوك الاجتماعي والاقتصادي وما إلى ذلك،حتى لقبت الصحافة بصاحبة الجلالة،بل الأكثر من ذلك منحت لقبا آخر في منتهى القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر ،وهو لقب السلطة الرابعة، بعد السلطة التشريعة والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، حيث قال آنذاك المفكر الإنجليزي الإيرلندي ادموند بروك، أمام مجلس البرلمان البريطاني ( ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف واحد في البرلمان، لكن هناك في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهم منكم جميعا)…هذا تعبير صريح للقوة التي تملكها صاحبة الجلالة او السلطة الرابعة،وأيا كانت التسميات والألقاب، فهذا ظاهر بصورة جلية في ما أصبحنا نعيشه اليوم، عبر قنوات التواصل الاجتماعي، من فايسبوك وتويتر وانستغرام وتيك توك والواتساب، والتفاهات التي اصبحت تحتل مساحات كبيرة في هذه المواقع تخدش الحياء وتسيء إلى سمعة الجسم الإعلامي،ناهيك عن نقل الأخبار المزيفة،ونشر الترهات والأكاذيب، والإساءة إلى سمعة الأشخاص، والتلاعب بالأخبار، وتصيد المشاكل والنزاعات ببن الأسر للتشهير وجلب نسب كبرى من المشاهدات، مما يعتبر الإعلام النزيه بريء منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب، والحال أن مسؤولية التصدي لما يسيء للمجتمع، مسؤولية الكل وليس مسؤولية الفرد فقط، فبعد أن كانت الإذاعة والتلفزيون مصدرا مهما لنقل الأخبار، وعقد ندوات وعروض ثقافية وفنية ورياضية، وبرامج تربوية تعليمية واجتماعية هادفة، يديرها صحفيون مقتدرون تلقوا تكوينا اكاديميا خاصا، خرج علينا بعضهم بقنوات في اليوتوب، يسمون أنفسهم إعلاميين وصحفيين، بدون تكوين او ملكة او حتى موهبة يستطيعون معها تحمل المسؤولية الإعلامية بكل ثقة وأمانة ، ويشرفون الجسم الإعلامي ويستطيعون من خلاله أيضا المضي قدما نحو الأمام،…الوضع أصبح خطيرا في الوقت الحالي،وبات من الضروري إيجاد الحلول الناجعة للقضاء على الوباء الإلكتروني الذي ربما سيتحول إلى كارثة لايمكن التخلص منها بسهولة، وسيزداد الأمر سوءا مع اللامبالاة والإهمال والتخاذل في هذا الباب، خصوصا أن كل من أمسك بيده ميكروفونا يقول أنا صحفي أو إعلامي، دون دراية بما تحمله هاتان الكلمتان من عمق ودلالة.
أقول قولي هذا، واتمنى من المسؤولين وذوي الشأن والاختصاص، القيام بواجبهم على أكمل وجه، والتصدي لمثل هؤلاء، والضرب على أيديهم بقوة وحزم، حتى لا نقول بعد لأي فات الأوان،إذذاك لا يشفي العض على أصابع الندم، أوالتأسف والتحسر لما سيؤول إليه الوضع لو استمر الحال على ماهو عليه …
أمينة حسيم
مراكش في: الخميس 14 من شعبان 1443 هجرية
الموافق ل 17 من مارس 2022 ميلادية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى