شاي قشرة العنب دواء سكان الأمازون لمواجهة فايروس كورونا

وكالات
تلجأ الشعوب إلى الأدوية التي ورثتها عن الأجداد لمواجهة الأمراض رغم وجود الأدوية الصيدلانية. لكن السكان الأصليين لغابات الأمازون في البرازيل والذين يتعذر عليهم الوصول إلى مراكز الرعاية الصحية، يستعملون العديد من الحشائش لتقوية المناعة ومواجهة وباء كورونا، ومن بينها وصفة شاي قشرة العنب التي تشرب لمدة أيام بعد غليها.
في وسط غابات الأمازون البرازيلية المطيرة، وبعيدا عن مختبرات شركات الأدوية الكبرى في العالم، يستخدم سكان كايابو الأصليون في ولاية بارا مشروبا مصنوعا من العنب لمساعدتهم على درء أسوأ آثار فايروس كورونا.
ومع توغل قاطعي الأخشاب غير القانونيين وعمال المناجم خلال انتشار الوباء في منطقة الأمازون، ازدادت إمكانية تعرض القبائل التي تعيش في الغابات للفايروس، يقول سكان كايابو، إن علاجهم الطبيعي يساعد في الحفاظ على سلامتهم.
قال بويري، وهو من كايابو، ويبلغ من العمر 23 عاما، تغلية قشرة العنب وتصفيتها في كوب شاي يشرب ثلاث مرات في اليوم لمدة خمسة أيام، يساعد في الشفاء من الوباء.
وأضاف بويري، الذي تناول العلاج بعد أن كان تحليله إيجابيا في يوليو الماضي، “الدواء قوي جدا. عندما تتناوله، تصاب بالضعف، وأحيانا تصبح عيناك حمراوين، وتصاب بصداع، لكنك ستكون بخير في اليوم التالي”.

يقول قادة كايابو لا يوجد دليل علمي على أن هذا الشاي يمكن أن يحارب الفايروس، لكن على جميع أفراد القبيلة أن يشربوه كشكل من أشكال الوقاية من فايروس كورونا، الذي قتل ما يقرب من 200 ألف برازيلي، وفقا للأرقام الرسمية.
ويقول هؤلاء، إنه أفضل طريقة لمنع الوباء من القضاء على مجتمعات السكان الأصليين، والتي حظيت بدعم محدود من الحكومة الفيدرالية.
ويحذر خبراء الصحة من أن الجائحة تهدد السكان الأصليين الذين بقي وصولهم إلى الرعاية الصحية في منطقة الأمازون محدودا أو معدوما، كما أن حياتهم المجتمعية تجعل التباعد الاجتماعي أمرا صعبا. وتضررت مجتمعات الأمازون بشكل خاص في المراحل الأولى من جائحة فايروس كورونا في البرازيل خلال العام الماضي.
قالت ابنة زعيم كايابو الشهير، باولينو باياكان، إن “الوكالات المعنية لم تتصرف في الوقت المناسب لحمايتنا، تاركة السكان يتساءلون عمّا إذا كانت ستدعمهم”. وكان باولينو باياكان من الذين ماتوا بوباء كورونا في يونيو الفارط.
ووجّهت وكالة شؤون السكان الأصليين التابعة للحكومة، (فوناي)، جميع الأسئلة إلى وزارة الصحة.
وقالت الوزارة في بيان لها، إن هناك أكثر من 400 عامل صحي يراقبون مجتمع كايابو، ويعالجون أفراده في بارا، وإن الحكومة ترسل الإمدادات الأساسية مثل الأقنعة والكحول المعقِّم لليدين إلى القرى.
ووفقا للبيان، فإن “المهنيين في المنطقة يحافظون على الحوار مستمرّا، وينظّمون زيارات منزلية مع القادة والمستشارين الصحيين وعامة السكان في القرى.
وقال الدكتور دوغلاس رودريغيز، المتخصص في صحة السكان الأصليين بالجامعة الفيدرالية في ساو باولو، إنه عندما يمرض أحد من كايابو، فإنه يبدأ عادة بالعلاجات التقليدية وينتقل إلى الطب الحديث فقط إذا لزم الأمر.
ووجد أبناء كايابو أن شاي العنب يخفف من أعراض وباء كورونا، “سواء كان ذلك لأن الشاي يحتوي على مكوّنات نشيطة أو يحتوي على مكونات تقوي وترطب”.
ويوجد حوالي 12 ألف شخص من أبناء كايابو في ولايتي بارو وماتو غروسو، وفقا للمعهد الاجتماعي البيئي في البرازيل. ومن بين هؤلاء السكان، سُجّلت أقل من 20 حالة وفاة بسبب كورونا منذ بداية انتشاره، وفقا لمكتب الخدمات الصحية الخاص بالسكان الأصليين.
وفي حين يقول المدافعون عن هؤلاء السكان، إن هذا الرقم قد يكون أقل من الواقع، إلّا أنه لا يزال أقل بكثير من معدل الوفيات البالغ 2.5 في المئة لدى البرازيليين من غير السكان الأصليين، وفقا لإحصاءات من المجلس الوطني لأمناء الصحة.
ويقول المدافعون عن حقوق السكان الأصليين، إن التجاوزات المتكررة للحطابين وعمال المناجم والمزارعين على غابات الأمازون قد يزيد من خطر إصابة السكان بالفايروس. ويؤكد رودريغو بالبوينو، وهو عالم أحياء ومستشار في معهد كايابو، أن توغلات قاطعي الأخشاب تضاعفت أثناء الوباء.
وبمقارنة صور الأقمار الصناعية للمنطقة من أغسطس إلى أكتوبر 2020، قال بالبوينو، إنه من الممكن أن نرى طرقا جديدة تم إحداثها، وكذلك المزيد من المناطق الخالية من الأشجار، وهذه كلها مؤشرات على ازدياد ظاهرة قطع الأشجار غير القانوني وتعدين الذهب.
ويقول المدافعون عن البيئة، إن التجاوزات تضاعفت بسبب خطط الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو لفتح منطقة الأمازون أمام التعدين التجاري والزراعة، اللذين يزعم أنهما سينتشلان السكان الأصليين من الفقر.
وأوضح بالبوينو، أنه في الوقت نفسه، عندما مُنع الغرباء من دخول أراضي السكان الأصليين في بداية الوباء، توقفت عمليات التفتيش التي كانت تهدف إلى وقف النشاط غير القانوني في الغابات المطيرة. وقال، “كان هذا بمثابة العاصفة التي خلّفت كل ما نراه الآن”.

ويقول العلماء، إن مكافحة ارتفاع معدلات تآكل الغابات في غابات الأمازون المطيرة، يعدّ أمرا بالغ الخطورة في مكافحة تغيّر المناخ.
وحتى مع تجنب القرويين للمدن وشربهم لجرعات منتظمة من شاي العنب، لا يزال الزعيم أبيري كايابو من قرية بيكاتوتي قلقا من احتمال استمرار انتشار الفايروس.
يقول أبيري وهو يسير على طول درب يشق الغابة مشيرا إلى النباتات الطبية، “لم تكن هناك حالة خطيرة هنا في القرية. عولج الجميع بالأدوية من الغابة، لكنني قلق بشأن الغزوات”.
وأكّد قادة كايابو، أنهم منعوا أي شخص في المجتمع من الكشف عن اسم الأنواع النباتية المستخدمة في الشاي لمنع تجريد غاباتهم من الموارد.
ويقول القرويون إن هذه السرية ضرورية للتأكد من أن الوباء لن يحصد المزيد من الأشخاص الذين يحملون تاريخ المجتمع وتقاليده.
وقالت ابنة الزعيم الراحل باياكان، التي لا تزال متأثرة بفقدان والدها، “قتل الوباء النساء وكبار السن، والقادة الذين أخذوا معهم تاريخا كاملا من النضال والثقافة. يحمل كبار السن أهمية كبيرة لاستمرارية ثقافتنا، فهم الذين يحافظون على أسلوب حياتنا، وينقلون قصصهم للأجيال الشابة لتمرّرها بدورها إلى أبناء المستقبل”.
عن العرب اولاين