الانتفاضة

خصومنا الذين لا نعرفهم

الانتفاضة / محمد المتوكل

يقول الله تعالى في كتابه الحكيم:

(إنك ميت وإنهم ميتون ، ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون)

تصور وأنت تحاسب يوم القيامة يظهر لك خصوم أنت لا تعرفهم، ولم ترهم، ولم تسمع بهم، ولم تلتقهم يوما، ويخاصمونك أمام الله، ويأخذون من حسناتك، ويطرحون عليك سيئاتهم، وأنت في أشد الحاجة لحسنةٍ واحدة ترجح موازينك ليغفر الله لك بها، ولن تجد من يعطيها لك ولو كان أقرب الناس اليك.

هؤلاء الخصوم الذين لا نلقي لهم بالا في الدنيا، ولا نهتم بهم سيعترضوننا لا محالة.

قد يعترضك شخص ما بقصد أو بدون قصد فتشتمه، وتسبه، وتعيره، وتقلل من شانه، وتغتابه، وتنمه، وتتجسس عليه، وتنقص من قيمته، وتهين كرامته، ثم تمضي الى حال سبيلك غير مبال ولا مكترث اسمعك المعني بالأمر أم لم يسمعك، في كلتا الحالتين، فقد سمعك الله تعالى، وسيصبح خصماً لك يوم القيامة، وانت لا تعرفه.

 وكم من مرة رأيت شخصا لا تعرفه في الشارع فعلقت على لباسه أو شكله أو هيئته، أو تصرف قام به، وسجلت عليك غيبة لشخص سيكون خصيما لك يوم القيامة، وانت لا تعرفه.

وكم من مرة تشاجرت مع شخص ما فشتمت أمه، أو أباه، أو أهله، وسيكون هذا الشخص خصما لك يوم القيامة، وأنت لا تعرفه.

 وكم من مرة وأنت تتحدث في أمور بلد ما، فقلت عنه، مثلا

الشعب المصري كذا، أو الشعب السعودي كذا، أو الشعب البنغالي كذا

ولم يدر في بالك أنك ستقف خصم لهذا البلد فردا فردا أمام الله يوم القيامة، كونك شملته بالغيبة أو القذف أو الشتم، وأنت لا تعرفه.

تصور أن يكون شعب كامل، خصمك أمام الله يوم القيامة، لكلمةٍ لم تلق لها بالا، ولتصرف ارعن وسلوك متهور سيجلب عليك العار والشنار، وانت لا تعرفه.

فعنْ أَبي هرَيرَةَ (رض) أَنَّ رَسولَ اللهِ صَلىَّ اللهُ عليهِ وَسلمَ قالَ:

(يقتصّ الخلقُ بعضهمْ منْ بعضٍ، حتى الجدعاءُ منْ القرْناءِ، وَحتى الذرةُ منْ الذرةِ) رواه أحمد

إن العبد ليجيء يوم القيامة، بأمثال الجبال من الطاعات والعبادات والقربات، فيرى أنهن سينجينه وسيدخلنه الجنة وسيشفعن له اما الواحد القهار، فما يزال عبد يجيء فيقول: رب إن فلاناً ظلمني بمظلمة، فيقول: أمح حسناته، وصب عليه سيئاتك الى ان تنتهي حسناتك، وتكثر عليك سيئاته، وتقذف في النار غير مأسوف عليك.

فأنظر رعاك الله، كم خصيما سيأتيك يوم القيامة؟ ليقتص منك، ويأخذ من حسناتك؟ ويصب عليك سيئاته وانت لا تعرفهم.

رب اغفر لي ولوالدي، ولمن لهم حق علي، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، اﻷحياء منهم واﻷموات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى