جميلة ناصف/ عدسة: مولاي يوسف الحاديمي
بمشاركة خبراء وباحثين وحقوقيين ومهتمين بموضوع التنمية وحقوق الإنسان، نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة مراكش-آسفي، بتنسيق مع اللجنة الدائمة المكلفة بالنهوض بثقافة حقوق الإنسان والتعزيز الديمقراطي بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة سوس-ماسة، ندوة وطنية حول موضوع “التنمية وحقوق الإنسان”، وذلك يومه الجمعة 25 يونيو 2021 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بمدينة مراكش.
وأعادت هذه الندوة، التي افتتح أشغالها منير بنصالح، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان، طرح سؤال الحق في التنمية وتدارس سبل تفعيل هذا الحق المتعدد الأبعاد، كما سلطت الضوء على الإشكالات والتحديات المرتبطة بالولوج إليه، في إطار المسؤولية التي وضعها الدستور على عاتق الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية.
وقال بنصالح في كلمته الافتتاحية، أن المجلس يعتمد على نفس المبادئ الأساسية لإعلان الحق في التنمية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1986، التي تتمثل في أن الإنسان محور التنمية فاعلا ومستفيدا وهدفا، وأن المقاربة التنموية مؤسسة على حقوق الإنسان والمشاركة الفاعلة والانصاف في توزيع ثمار التنمية وعدم التميز.

وحرص بنصالح على تقاسم الخلاصات والتوصيات الأساسية للمجلس بخصوص التنمية وحقوق الإنسان، والتي تدعو، على الخصوص، إلى ضرورة بناء مقاربة شمولية للفعلية لا تختزلها في بعدها القانون الصرف فقط، بل تجاوزها الأبعاد والعوامل غير القانونية، ووجوب تعزيز مسار القضاء على التفاوتات المجالية الاجتماعية، وإعادة الاعتبار خصوصا بعد أزمة كوفيد-19 للدولة الاجتماعية الراعية في قيادة الفعل العمومي، وضرورة الارتكاز على حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بكل روافده في أفق إزاحة الحواجز المعطلة لقاطرة الانخراط في التنمية.
وأبرز المشاركون في الندوة، من خلال تناول الخمس محاور التالية: “المرجعية الدولية والوطنية للحق في التنمية”، ”الأبعاد المتعددة والمتكاملة للتنمية”، ”حقوق النساء والنوع الاجتماعي”، ”حقوق الإنسان والتنمية البيئية المستدامة”، و”شهادات لتجارب فضلى في مجال التنمية”، (أبرز) أهمية استعادة سؤال الحق في التنمية، وتحليله من زوايا حقوقية وقانونية واقتصادية واجتماعية ودينية.
بدوره قال المصطفى لمريزق، عضو المجلس الوطني، ومنسق اللجنة الدائمة المكلفة بالنهوض بثقافة حقوق الانسان والتعزيز الديموقراطي بالمجلس، أن هذه الندوة تأتي في إطار السيرورة التي يعيشها المجلس، وموضوعها سيمكن من التطرق إلى المرجعية الدولية والوطنية في التنمية، والأفكار والمفاهيم وكيفية جعل موضوع التنمية وحقوق الانسان تيمة لها إرث ومرجعية فكرية وقانونية ودولية.
وفي كلمة خص بها لمريزق جريدة الانتفاضة قال، أن هذه الندوة من القرارات والمخرجات التي تبنتها اللجنة، والجهات الأخرى المنظمة للندوة، كما سيتم تنظيم ندوات أخرى بشراكة مع المجالس الحقوقية في جل جهات المملكة، ففي مدينة الدار البيضاء سيكون موضوع الندوة حول ” المناصفة”، وكذلك بالاقاليم الجنوبية حول “الاعلام وحقوق الانسان”، بينما سيكون موضوع ” الذاكرة المشتركة والتراث والوثائق والارشيف ” موضوع ندوة بشمال المملكة.
وأضاف لمريزق في تصريحه للجريدة، أن هذه الندوة تندرج في إطار تفعيل القانون الداخلي للجنة والقانون الداخلي للمجالس الجهوية لحقوق الانسان، من خلال الانفتاح أكثر على المحيط الاقتصادي والاجتماعي وأساسا على الجامعة، والدليل على ذلك حضور أزيد من خمس جامعات من كل التخصصات وجل جهات المملكة.

وهو كذلك دعم قدرات الفاعلين الحقوقيين على مستوى الجهات المنظمة، يضيف لمريزق، وكذلك على مستوى مواكبة عمل هذه اللجن من خلال طرح المواضيع التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، وخاصة في هذه الظروف بعد جائحة كورونا وما خلفته من مشاكل على مستوى التفاوتات في العديد من المجالات كالصحة والتعليم والشغل وغير ذلك.
نفس المتحدث قال” إننا نهدف إلى المساهمة والنقاش العمومي حول التنمية بكل أبعادها، وذلك يدخل في المهام المرتبطة بحقوق الانسان من أجل فعلية الحقوق”.
من جهته، أبرز مصطفى لعريصة، أستاذ جامعي ورئيس اللحنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة مراكش ـ آسفي، أهمية موضوع التنمية وتشعبه وصعوباته، وقال إن لقاء مراكش، الذي ستليه عدة لقاءات أخرى، يتوخى عرض ما هو جاهز في هذا المجال والدعوة إلى التفكير وفتح نقاش دولي في مسألة التنمية وحقوق الإنسان.
من جانبه، توقف إدريس لكريني، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية بمراكش، مدير مختبر الدراسات الدستوري وتحليل الأزمات والسياسات، خلال مداخلته عند الاشكاليات المرتبطة بالاختلالات التي واكبت ما يسمى بالعدالة المجالية، فيما يتعلق بوجود مناطق بعينها تعاني من مجموعة من الظروف والاشكاليات.

وفي تصريح للكريني لجريدة الانتفاضة، أكد أن هذه الاشكالات بطبيعة الحال لها جذور تاريخية على اعتبار أن المستعمر كرس هذه اللاعدالة المجالية من خلال التفريط في مجموعة من المناطق، وكما تحدث عن الجهود التي قام بها المغرب من خلال خياره الجهوي أو السياسات العمومية المعتمدة، التي لم تسمح بتجاوز التناقضات المجالية، ما أفرز مجموعة من المفارقات.
وأضاف نفس المتحدث في تصريحه للجريدة، أن النقاش الأخير المتعلق بالنموذج التنموي، كان له أثر كبير في وضع الأصبع على مكمن الجرح في هذا الجانب، خصوصا أن التقرير تحدث عن أهمية العدالة المجالية، وتم كذلك التأكيد على ضرورة استحضار البعد الحقوقي في التنمية، بالنظر كذلك إلى هذه المشاكل من طرف مختلف الفاعلين من جماعات ترابية ومجتمع مدني والأحزاب السياسية وجامعات وغير ذلك، وليس الدولة بمفردها.

واختتمت الندوة بإصدار التقرير الختامي الذي أوصى بنشر جميع أشغال هذه الندوة وتوصياتها ومخرجاتها في ظرف شهر على الاكثر لتعم الفائدة، للمساهمة في التفكير حول التنمية وحقوق الانسان واستشكالاتها والتحديات المرتبطة بالولوج الى الجيل الثالث من هذه الحقوق.
زر الذهاب إلى الأعلى