حلقة من حلقات نبش في الذاكرة التاريخية لمدينة وادي زم الشهيدة التي يعدها الإعلامي يوسف الرامش

الانتفاضة
إذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلابد من استحضار يوم خرجت مدينة وادي زم عن بكرة أبيها، بما فيها قبائل السماعلة وبني خيران وبني سمير، في انتفاضة تاريخية ضد المستعمر الفرنسي، مصرّين على أن يرحل ويعود الملك محمد الخامس من منفاه.
صحيح أن وادي زم مدينة صغيرة لكنّ موقعها الإستراتيجي فوق هضبة ورديغة جعل المحتل الفرنسي ينشئ فيها ثكنة عسكرية تمكنه من التوغل إلى جبال الأطلس والقضاء على المقاومة.. وقد سمّاها المستعمر “فرنسا الصغرى”، بل أقام فيها بحيرة على هيأة خريطة فرنسا لا تزال قائمةً حتى يومنا هذا.
لكنْ رغم كل محاولات المحتلّ طمس هويتها وخنق تحركات المقاومين فيها، فقد أدهشت وادي زم المجاهِدة العالم بمقاومتها البطولية ولقّن أبطالها المحتلّ الفرنسيَ درسا لن ينساه في الوطنية والمقاومة وحب الوطن والأرض.
هكذا شهدت المدينة أحداثا بطولية سجّلها تاريخ المقاومة بمداد الفخر، ثورة أرعبت المحتل وقلبت كل الموازين والحسابات وأرغمت الحكومة الفرنسية على تغيير موقفها بعدما كبّدتها انتفاضة قبائل وادي زم خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد.
وكان مفجعا سقوط المئات من أبناء وبنات وادي زم فداءً للوطن والحريّة، بينهم نساء، أولهنّ عائشة بنت علال، كما أعدم البطلان بن داود الغزلاني السميري ومحمد بن عيادة السمعلي في اليوم نفسه بعدما أصرا على عدم الهروب والاختباء وظلا وسط ساحة المعركة في مواجهة الرّشاشات ومئات الجنود، إلى أن اعتقلا وأعدما رميا بالرصاص فورا.
وبعد شهور من انتفاضة وادي زم، احتفل المغرب بعودة ملكه محمد الخامس وباستقلال أراضيه. وبعد استقلال المغرب في 1956 لقّبت وادي زم بـ”مدينة الثورة والشهداء”، التي تتطلع اليوم، كغيرها من المدن المجاهدة، إلى نيل حظها في التنمية ورد الاعتبار…
يوسف الرامش مراسل الانتفاضة الاسبوعية