الانتفاضة / أسامة السعودي / صحفي متدرب
عانى المغرب خلال الأونة الأخيرة من أزمة خلفت العديد من الضحايا واليتامى والأرامل، ويتعلق الأمر هنا ب «زلزال الحوز” هذا الزلزال الفتاك الذي ترك من وراءه مجموعة من الوفيات، ودمر بشكل كبير البنايات والمنازل والمآثر التاريخية، كما أنه شرد المغاربة وجعلوا من الحدائق والطرقات مأوى ودفئ لهم، بعد أن خرب الزلزال منازلهم كاملة وزرع الخوف في نفوس المواطنين المغاربة سواء كبار أو صغار أو رجالا أو نساء.
على الرغم من أن هذا المصاب الجلل أودى بحياة العديد من المغاربة ولم يرحم أطفالا أو نساء أو رجالا، إلا أن لحمة و اللمة التي أبانوا عليها المغاربة من روح الإنسانية العالية و روح المواطنة مع إخوانهم المتضررين، و تقديم جميع المساعدات التي يحتاجونها المصابين من الأكل و الملبس و الأغطية، كما يقال عند الشدائد تظهر معادن الرجال، فعلا هذه المقولة تنطبق على رجال المغاربة الذين أبانوا على مواقفهم البطولية و قدموا يد المساعدة للمصابين جراء هذه الكارثة الطبيعية ، لقوله تعالى “و تعاونوا على البر و التقوى”…
ولكن كل هذه المواقف التي قام بها المغاربة إلا أن هناك من انتقد الجهات المسؤولة على عدم القيام بأي خطوة تساعد من خلالها المتضررين وكذا أصحاب المساعدات الذين تحملوا متاعب السفر ومشاق الطرقات، من أغلب الأسئلة التي تراود المواطنين المغاربة، لماذا لم يتم تخفيض من ثمن المحروقات اذن؟
ربما يعتقد البعض أنه ليس الوقت المناسب لمناقشة مثل هذه الأمور في ظل هذه الظروف، و لكن هناك البعض آخر يرى أنه من الضروري على الحكومة أن تتخذ مثل هذه الخطوة وتقوم بمساعدات آخرين في التنقل بأخف الأضرار، كما أن جل المغاربة يطالبون من الشركات المحروقات بتخفيض ولو قليلا من ثمن المحروقات خاصة في ظل هذه الأزمة التي يعاني منها المغرب، قد يكون ارتفاع من ثمن المحروقات سبب من أسباب في تراجع بعض من عدم التنقل إلى الأماكن بعيدة، لأن الشعب المغربي هو من يتحمل تكاليف المحروقات زيادة على المساعدات التي يقدمونها لإخوانهم المتضررين.
أما بالنسبة لزيادة التي يقوم بيها أصحاب المتاجر الكبرى و استغلال الظروف و العجز الذي يمر منه المواطنين و يقومون برفع من أثمنة المواد الغذائية و الأغطية فأقول لهؤلاء أنكم لا تتمتعون بروح المواطنة و الغيرة على أبناء جلدتكم، حيث استغل بعض المضاربين هذه الظرفية من أجل القيام بزيادات غير معلنة لجني المزيد من الأرباح على حساب جيوب المحسنين.
فيجب عليكم تخفيض من هذه المواد الغذائية وجعلها في متناول إخوانكم لكي يتم اقتناءها وتقديمها للمصابين الذين لا يستطيعون توفير لقمة عيشيهم، لا تكونوا أنانين في مثل هذه الظروف وأن تفضلوا المصلحة الخاصة على المصلحة العامة،
و يجب العمل على ضرورة الإسراع بالتدخل من طرف السلطات المختصة من أجل سد الطريق أمام بعض المتلاعبين المتحايلين الذين قد ينتهزون هذه المناسبة من أجل تحقيق المآرب وجمع الأموال على حساب ضحايا الزلزال، مستغلين الانخراط الواسع في حملة التضامن والتآزر التي يشارك فيها العديد من فاعلي الخير والمحسنين من أفراد الشعب المغربي.
علما أن المغاربة يعرفون و يتميزون بجودهم و كرمهم و مساعدة المحتاجين في المحن و الشدائد و ليس استغلال الفرصة من أجل الزيادة عليهم في الأثمنة يجب أن نكون يد فيد و نتخطى معا جميع الأزمات و الكوارث الطبيعية لكي نكون قدوة و عبرة للآخرين.
و هناك فئة أيضا تعاني و تشتكي من تحرير ضدهم المخالفات من طرف السلطات المعنية و هنا أقصد بقولي أصحاب الشاحنات و السيارات الذين يحملون مساعدات و يتكبدون معاناة الطريق للوصول إلى المناطق المتضررة و تقديم المساعدة للناجين، فإذا بيهم يفاجئون أنه يتم توقيفهم و تحرير في حقهم مخالفات مجبرين على أداءها، ما هو الذنب الذي اقترفه هؤلاء المتطوعين فهمهم الوحيد هو تقديم يد العون، حتى وإن كانوا يقودون سياراتهم بسرعة كبيرة فمن العيب و العار أن يتم رصدهم و أن تجبرهم على الأداء فهم ليسوا ذاهبون لنزهة هم فقط يريدون تقديم المساعدات للجرحى و المصابين، فيجب تسخير و مراعاة الظروف التي يمر منها ضحايا الزلزال وليس أن يتم استغلالهم فهذا واجب إنساني و ديني و أخلاقي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى” ، الحمد لله المغاربة كلهم، يجسدون هذا الحديث النبوي الشريف، كل بقدر المستطاع و كل حسب إمكانياته.
أما فيما يتعلق بطريق السيار فحديث ولا حرج، طرقات غير معبدة بجملة، أين هم المسؤولين؟ لماذا لم يتم تعبيد الطرقات لفائدة الأشخاص الذين يحجون بكثرة لتقديم المساعدات؟ لماذا هذا التهميش الذي تعاني منه المناطق الجبلية؟ أليسوا هم مغاربة؟
كثير و الكثير من الأسئلة تطرح نفسها بنفسها فيجب على الجهات المسؤولة أن تنظر لهؤلاء الفئة المهمشة لأنهم يعانون من الفقر و التهميش، حتى من الوسائل العيش الضرورية التي ينعم بيها الإنسان لا يتوفرون عليها، هذا درس المسؤولين بأن ينظروا لهؤلاء الأشخاص بعين الرحمة و لا يتم استغلالهم عند حاجياتهم الخاصة، فلابد أن يتم تعبيد الطرقات بالنسبة الأشخاص المتواجدون في القرى و المناطق الجبلية، حتى يتمكنوا من التنقل بسهولة لا بشقي الأنفس فهذا من حقهم هناك العديد من الأطفال و النساء يموتون بسبب صعوبة التنقل في الطرقات الغير المعبدة ، ترى أعينهم تفيض من الدمع مما يعانون منه من الفقر و التهميش لا يستطيعون البوح بما يشعرون إليه، يعانون في صمت و لا ملتفت لهؤلاء الضحايا سواء بزلزال أو بدونه ، يجب إعطاء لهذه الفئة حقها و التمتع بضروريات الحياة التي ينص عليها القانون و التي يخولها لجميع المواطنين المغاربة.
في ظل تواجد هذه الأزمة لابد أن يتم إتحاد المغاربة و السلطات و الجهات المختصة من أجل تجاوز هذه المحن و المصائب، و أن يكون دور السلطة هنا مراقبة المحلات التجارية الكبرى و أن يتم اتخاد ضدهم إجراءات قانونية في حالات استغلال الظروف التي يمر منها المغاربة و الزيادة في المواد الغذائية و غيرها.
والعمل على تسخير وتمهيد الطرقات لتسهيل على وسائل النقل العبور في ظروف سليمة، والوصول إلى أماكن المتضررة حتى يتمكن جل المناطق المتضررة الاستفادة من المساعدات والاحتياجات الضرورية.
ختاما لما تم قوله أصبح مطالب المغاربة إلغاء جميع المهرجانات و الحفلات التي تنفق عليها أموال طائلة، تلك أموال هي في أمس الحاجة أن تنفق على الفقراء و ذوي الهمم وليس على المغنين والمشهورين، يجب استثمار الجيد لهاته الأموال و إنفاقها فيما يحتاج إليه “أولاد الشعب” يحتاجون إلى مستشفيات لدواء أمراضهم وزرع فيهم أمل الحياة، يحتاجون إلى المؤسسات للاستفادة من التربية و التعليم و القراءة و الكتابة ، يحتاجون إلى الطرقات من أجل التنقل و جلب احتياجاتهم دون مشقة أو عناء، حتى يتمكن المغاربة المنكوبين بإنعام عليهم بالحياة الجيدة التي تليق بيهم.
هذه الكارثة الطبيعية لا يجب أن تمر مرور الكرام، بل يجب على كل السلطات المعنية والجهات المختصة العمل على تسخير وتوفير وسائل العيش الضرورية التي يحتاجونها المغاربة وخاصة الذين يتواجدن في القرى والمناطق الجبلية.
زر الذهاب إلى الأعلى