الانتفاضة
محمد السعيد مازغ
لم يعد سرًا ما تفرغه الحنفيات من ماء برائحة المرحاض بمراكش ، لينضاف إلى سلسلة من الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن المغلوب على أمره ، وليس له خيار سوى أداء الفاتورة الملتهبة للماء “الخانز” ، للوكالة المستقلة للماء والكهرباء بمراكش.
ومن المضحك المبكي ، هو تلك الإشارة آلتي زلزلت الحضور المكون من مستشارين جماعيين خلال واحدة من دورات المجلس الجماعي لمراكش حين طلب أحد المستشارين تفسيرًا لمشكل الماء الخانز الذي يؤرق ساكنة مراكش ويهدد سلامتهم الصحية ، خاصةً الفئة الضعيفة التي لا تملك القدرة على اقتناء قنينات الماء المعدني وماء المائدة ، _ هذه الفئة التي لم يكفيها ” فيل، فأضافوا لها فيلة” _ ألم يَكْفِ هذه الحكومة المعاناة التي تسبب فيها غلاء أسعار المعيشة الضرورية ، وما تسببته من تعاسة ومن اضطرابات نفسية وجسدية َومادية يعلم الله عواقبها ومخلفاتها مستقبلًا.
الحديث عن الماء الخانز في لقاء رسمي تحضره العديد من المصالح، كان بمثابة القنبلة الموقوثة، والشبح المرعب الذي تحاشى بعض ممثلي الساكنة الخوض في تفاصيله، رغم أن الأمر يتعلق بمصلحة عامة ، وبمسؤولية المرشح الجسيمة تجاه من انتخبوه ليكون ممثلا لهم، مدافعًا عن مصلحتهم ، و أداة وصل لشكواهم ومطالبهم.
موقف لا يحسد عليه بعض المستشارين الجماعيين ممن اختلطت عليهم المفاهيم، ولسعتهم رياح” الشرقي” الباردة التي ترتعش لها الأوصال .. هل يكذبون حاسة الذوق لذيهم، ويشكون في مزاعم الجماعات التي تشغل عدة مناطق بمقاطعة المنارة بما فيها حي جيليز الراقي، والحي الصناعي والمسيرات الثلاث… ، أو يصدق رواية لجنة اليقظة التي يرأسها والي مراكش، والتي تتكون من وكالة الحوض المائي لتانسيفت، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بمراكش ، والوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء.. هذه المؤسسات التي أجمعت على أن الماء صالح للشرب، وأن نتائج مختبراتها المطمئنة، تنفي وجود أي خطر صحي على الساكنة، وشددت على أن مياه الحنفيات مراقب، و يستجيب لجميع معايير الجودة المعتمدة، معتبرة أن التغيير يعود فقط إلى تنويع مصادر توزيع المياه، والأثر السلبي الذي نجم عن انخفاظ الموارد المائية بجهة مراكش أسفي بسبب الظروف الطبيعية الصعبة.
لم يقف سؤال تغير مذاق ماء الحنفيات، والرائحة الكريهة المصاحبة له في حدود المجالس بجهة مراكش، بل انتقل ليطرح كسؤال كتابي في قبة البرلمان على السيد نزار بركة وزير التجهيز والماء، حيث نبهت فيه إحدى البرلمانات للخطورة الصحية التي تهدد الساكنة جراء التغير في مذاق ولون الماء المستعمل للشرب، وعن الإجراءات المعتمدة من أجل رفع الضرر عن الساكنة ، و في انتظار عودة مياه الحنفيات لمذاقها الطبيعي، نسأل الله لكل من لم يجد بدأ عن شرب تلك المياه السلامة والعافية، وأن يصدق عليه المثل :” رب ضارة نافعة”…
زر الذهاب إلى الأعلى