بقلم الأستاذة والباحثة : ثريا عربان
كلنا يجب أن نعلم المكانة التي تحتلها اللغة العربية الفصحى وأن نقف على الدور الريادي الذي لعبته في القرون الماضية والذي لازالت تقوم به ولكن يبقى على عاتق مجامع اللغة العربية والمنظمات والغيورين على هذه اللغة الرائعة أن يقفوا وقفة رجل واحد لصون سلامتها والاعتراف بما يميزها عن غيرها من اللغات ووضعها في الخانة السامية اللائقة بها خصوصا إذا استحضرنا الموضة التي أصبحت تعيش على أنغامها المجتمعات العربية والإسلامية خاصة هذه الأيام وهي التواصل باللغتين الفرنسية والانجليزية مما جعلهما يستحوذان على الساحة سواء في التواصل اليومي أو في المجال الأكاديمي هذا فضلا عن النداءات والتصريحات التي تشجع على استخدام اللهجات المحلية العربية اعتبارا منهم أنها أقرب وأسهل للتواصل حيث قل استخدام هذه اللغة العمود التي تعتبر ركنا من أركان التنوع الثقافي للبشرية الذي تجب حمايته وصيانته والتعريف بمختلف أشكاله وأساليبه .
تبقى اللغة العربية إحدى أكثر اللغات السامية تحدثا وانتشارا في العالم يتحدث بها أكثر من 467 مليون نسمة ، هذا العدد الذي يتوزعه الوطن العربي والمناطق الأخرى المجاورة وهي بذلك تحتل المركز الرابع أوالخامس من حيث اللغات الأكثر انتشارا في العالم .
واللغة العربية الفصحى كما لايخفى لغة ذات أهمية قصوى لدى المسلمين بقداستها وارتباطها بقدسية لغةٍ القرآن الكريم باعتبارها لغة أساسية في القيام بالعبادات والشعائر الإسلامية.
وحتى تتماشى هذه اللغة الأم مع متطلبات المشهد اللغوي المتغير والمتطور في عصرنا الحالى لابد من أخذ الحيطة والحذر للحفاظ على لغة الهوية للامة العربية والإسلامية والوقوف على الدور الأساسي الذي تضطلع به الأكاديميات ومجامع اللغة العربية الفصحى بوصفها مساحات لحماية هذه اللغة والسعي لاستخدامها لانها أحق بذلك من غيرها
وفي هذا الإطار أخذت على عاتقها الجمعية العامة للامم المتحدة قرار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في 18 كانون الأول ديسمبر كونه اليوم الذي صدر فيه هذا القرار سنة 1973 حيث اعتبرت اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية الست للامم المتحدة .
فالاحتفاء باللغة العربية واختيار كل سنة موضوعا خاصا بهذا الاحتفال ماهو إلا دليل على الغنى والدسامة التي تسم هذه اللغة الرائعة تأكيدًا على الدور الهام الذي تقوم به على جميع المستويات والمتمثل في إنتاج ونقل المعارف والعمل على نشرها وإقامة الحوار بين الثقافات ومد جسور الوصال بين الناس وإرساء أسس الإسلام.
إذن على كل ناطق باللغة العربية ان يتباهى بها ويفتخر ويجعل من الاحتفال بها محطة لتعزيز الرغبة في تعلمها والوعي بأهميتها في الجمع بين الأصيل المتجدر في التاريخ العريق وبين المعاصر المتطور وأنها قبل هذا وذاك هي اللغة التي اصطفاها الله سبحانه وتعالى لكتابه العزيز القرآن الكريم ناهيك عن العديد من الفنون والعلوم التي لها صلة وثيقة باللغة العربية والأدب العربي الذي عاش في ظل هذه الأخيرة عزته ومراحله الذهبية إلى أن قال في حقها شاعر النيل حافظ إبراهيم :
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
فليكن كل ناطق بهذه اللغة غواصا ماهرا يعرف كيف يسبر أغوارها ويتقن السباحة في عالمها ليضع اليد على مواطن الجمال فيها وبلاغتها وقواعدها النحوية والصرفية والتركيبية.
اللغة العربية إذن وشاح على صدر كل ناطق بها عليه صيانته والحفاظ عليه وفي نفس الوقت التباهي والافتخار به.