كتاب الآراء

الصويرة من زحف الرمال إلى الحلقة المفرغة

الانتفاضة 

بقلم محمد السعيد مازغ 

من تحصيل حاصل الحديث عن زحف الرمال بمدينة الصويرة ، فقد  ظلت نقطة سوداء، ووصمة عار في جبين مسؤولي المدينة، ولم تعد الصيحات والنداءات والكتابات تجدي وتُؤْخَذُ مأخذ الجد، في غياب حلول مجدية تضع في الاعتبار منطقة استراتيجية متضررة اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا. 

من يقف أمام الأطنان من الكثبان الرملية المتراكمة والمتحركة بحي السقالة، و الفرينة وغيرها من المواقع المتضررة بالمدينة ، يفاجأ بالتبريرات التي تتذرَّع بها المصالح المعنية لِلتَّملص من مسؤولياتها، والتلويح بضعف الإمكانيات المادية، والموارد البشرية، وقهر الرياح … فمصالح المياه والغابات تتحدث عن المجهوداتَ المبذولة في سنوات خلت، وتتحاشى المقارنة بين النتائج السابقة، والمردودية الحالية والتي تفضحها الكتبان الرملية التي كادت تدفن بنايات بكاملها، وتُجْبِر الساكنة على إغلاق النوافذ ليل نهار، وبعبارة أخرى فهي لا تقوَى على الاعتراف بالفشل الذريع في توقيف الزحف الذي طال مساحة عريضة ، وأغلق المسالك الطرقية وخنق قنوات الصرف الصحى، وتسبب في أمراض صحية وخيمة لعدد من الساكنة.

أما المجلس الجماعي للصويرة، فهو يدور في حلقة مفرغة، لم يتوفق بعد في سَلْكِ المسار الصحيح للتنمية الاجتماعية ، وهو يتخبَّط في رواسب المجالس السابقة ومُخَلفاتها، ومما يتناقله الشارع الغاضب من أداء المجلس الجماعي الحالي للصويرة ، أن آلته معطلة، وتدبيره للشأن المحلي يصطدم بعدة فرامل من داخل المجلس وخارجه، و يفتقر إلى معارضة قوية تلزمه بالوفاء بوعوده الانتخابية، وتطرح الملفات العالقة، وتساهم في علاج الاختلالات..

لم يعد الشارع الصويري يكثرت باستقالة عضو، أو حضوره المستمر، أو غيابه المتكرر أو الدائم، ولا بخطاب يدغدغ المشاعر، يتقن سياسة التسويف والوعود اللامسؤولة،فالواقع المعيش هو الشاهد الحقيقي على حسن التدبير من عدمه. 

اختلطت المفاهيم لدرجة يطرح معها الشارع الصويري أسئلة جوهرية من قبيل : –   من يدبر الشأن المحلي بالصويرة ! ؟ ومن يتوفر على العصا السحرية لإخراج المشاريع المبرمجة إلى الوجود! ؟، وما السر في تعطيل العديد من الأشغال الخاصة بتثمين وإعادة تأهيل المدينة القديمة! ؟ وهل ترتبط دينامية المجلس الجماعي وفعاليته مع الحسم في إشكالية من له الحق في استغلال ريع الرمال! ؟ ، حتى يتاح له المساهمة بفعالية في الحد من زحف الرمال، والنهوض بمنطقة تتميز بكثافة سكانية، وبالتهميش والفقر، خاصة أن الخدمات المقدمة لا ترتقي إلى المستوى المطلوب، وأن  تكليف من يقوم بإزاحة الرمال عن الطريق، وتجميعها على شكل كتبان رملية، لم ولن تحل المشكلة، فبمجرد ما يهب الريح، تتطاير الرمال وتتكوم لتكشف عشوائية الأشغال، وتبدير المال العام بدون فائدة تذكر، وقس على ذلك المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجستيك التي بدلا من أن تفك الحصار عن شوارع مغلقة بسبب الرمال، وتضع حلولا جذرية لمعضلة مقلقة لا تنحصر أضرارها على الطرق فقط، بل تتعداها لمجاري المياه، فهي الحاضر الغائب. ..

إن الأمل معقود في إعادة الحياة لبرنامج زرع الأحراش، وتحديد زمن بداية ونهاية الأشغال، وحماية الغابة من التقطيع العشوائي لأشجارها، وسد الطريق في وجه لوبيات العقار التي يسيل لعابها على تقليص المساحات الغابوية، والعمل على التوعية والتحسيس، وإشراك كافة القوى الحية والشباب في حملة التشجير والنظافة، مع استغلال الفضاءات المجاورة في مشاريع تخرج المنطقة من العزلة، وتحولها إلى منطقة سياحية جذابة، تشد إليها عشاق البحر والطبيعة والتبضع. 

فمتى يتحقق هذا الحلم، ومن يكون له شرف إحياء الطرف المنسي من مدينة الصويرة، وفي انتظار استيقاظ المعنيين من النوم، والوعي بأن وقف زحف الرمال، وإنعاش اقتصاد المنطقة المشطب عليها من برنامج تأهيل وتثمين المدينة العثيقة أفضل من عشرات المهرجانات التي تخلف الأطنان  من الأزبال، وتكبد المدينة خسائر على مستوى استهلاك الماء والكهرباء، وتحمل السلطات المحلية والعناصر الأمنية باختلاف مراتبها، المزيد من العناء ومن الساعات الإضافية وغيرهم من جنود الخفاء الذين يتجندون من أجل مرور المناسبة بدون مشاكل تذكر.

وفي انتظار الوفاء بالتزامات من يعنيهم الأمر، ، وعمل المصالح والمؤسسات كجسم واحد، وهَمٍّ مشترك، على التغلب على الإكراهات التي حولت حياة الساكنة إلى جحيم، ومرافق تجارية وصناعية إلى شبه أطلال ، وشاطئ معزول لا يكسر هدوءه سوى زعيق النوارس، وفؤوس قاطعي الأخشاب، والباحثين عن الخلوى لمعاقرة الخمور، وممارسة الشهوات. وفي انتظار تباشير فجر جديد  :  “نقول لكم تصبحون على خير” . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى