السلطة الرابعةكتاب الآراء

الصحافة في يومها العالمي، تصوم عن الكلام

الانتفاضة

بقلم ّ ذ : محمد السعيد مازغ

في صمت كصمت القبور ،خفَثَ صوت الصحافة في يومها العالمي الذي يوافق  3 ماي من كل سنة، وهو اليوم الذي حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو للاحتفاء بالمبادئ الأساسية وتقيييم حال الصحافة في العالم، وتعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير والتذكير بالعديد من الصحافيين الذين واجهوا الموت أو السجن في سبيل القيام بمهماتهم في تزويد وسائل الإعلام بالأخبار اليومية.

فما سبب صمت جل وسائل الإعلام عن الكلام، واكتفاء بعضها بتبادل التهاني والتبريكات وكأنها بلغت النتائج المرضية، وتحقق لها ما تصبو إليه ماديا ومعنويا. 

الصحافة الوطنية
اليوم العالمي للصحافة الوطنية
3 ماي الصحافة المغربية

في عيدها الأممي، قلَّ حديثها عن نفسها، وعن معاناتها اليومية والمثبطات التي تحول دون أدائها لمهامها بالشكل المطلوب، أو عن طموحاتها المستقبلية وانتظاراتها خاصة بعد إحداث المجلس الوطني للصحافة و المصادقة على قانون الملاءمة، اللذان كنا نعتبرهما البلسم الذي سيفك عناق الصحفيين المهنيين من قيود وزارة الصحافة والاعلام، وسيضع حدا للفوضى والتسيب وما يعتري الجسم الصحفي من علل وتجاوزات. ولكن لعلة ما انجَرَّت كثير من وسائل الإعلام المقروءة والسمعية و البصرية، نحو مواضيع وأحداث لا علاقة لها بواقع الصحافة والإعلام ، وكأنها تهرب من ذاتها، وتنأى بنفسها عن الخوض في نثوءات وجروح لم تعد تنفع معها المسكنات و المرطبات، والخوض في ما يجري في الهند والسند، وانتصارات وهزائم فرق كرة القدم، وتتبع خطوات القياد وهم يحررون الملك العمومي ليلا بجرافات لا تميز بين حائط إسمنتي، و مزهرية ورد، والنزيف الذي تعاني منه الهيئات السياسية، والهجرة بحثا عن مقعد انتخابي  .… 

كان من الواجب الحديث عن الصحافة المحلية حديثة الولادة، وكيف تدبر شؤونها في ظل الجائحة ، ورأي المواطن في المنتوج الذي تقدمه ، وتقييم أدائها السنوي، وعن الحق في المعلومة، عن متابعة بعض الصحافيين في حالة اعتقال، رغم توفرهم على جميع ضمانات الامتثال للقرارات القضائية، عن الاعتداءات الجسدية التي تستهدف الزملاء الصحافيين والصحافيات أثناء القيام بواجبهم، سواء من طرف بعض المواطنين أو السلطات المحلية، وعن كثير من المعيقات التي تكبلها وتمنعها من القيام بالدور المنوطُ بها ، وقد بات من الضروري استئصال الدخلاء، ومنتحلي الصفة، والمسيئين إلى مهنة الصحافة خاصة بعض المواقع الإلكترونية المتخصصة في السب والقذف والتشهير، ونشر الأخبار الكاذبة، واستغلال صور الأطفال والقاصرين والإساءة إلى صورة المرأة وغيرها من السلوكات التي يجب التصدي لها .

 وللأمانة، فبلادنا حققت طفرة نوعية على مستوى التعبير، وكانت مجموعة من الاجتهادات من أجل تشجيع المقاولات الإعلامية على المضي في مهامها ، إلا أن هذه المجهودات تتكسر في غياب المحفزات المادية، وضعف المداخيل، وكثرة المتطلبات التي تقود في النهاية إلى طرد الصحفيين، وهضم حقوقهم المادية، وعدم احترام ساعات العمل، وهي أساليب محبطة، ولا تشجع على إقلاع إعلامي محلي ووطني،

ولذلك، ففي 3 ماي، وفي غيرها ستظل المطالب راسخة، والأصوات عالية مذكرة بأهمية الدور الذي تلعبه الصحافة في رقي الوطن ونمائه، في التوعية والتحسيس، وانه لا تقدم الا بصحافة قوية ملتزمة بأخلاقيات المهنة ، تجسد حقيقة مدلول السلطة الرابعة واختصاصاتها، وأيضا تمثل صوت الأمة، تنقل همومها وأوجاعها دون مواربة ولا مراوغة ولا مزايدات، وتطلعاتها ونمائها بكل موضوعية ومصداقية ووطنية حقه، صحافة لا تخشى رفع غطاء القدر عن الخبايا و الطابوهات والعمل على فضح الرشوة والفساد، وناهبي المال العام، وأصحاب الريع، و غيرها من المفاسد كالشطط في استعمال السلطة ، والتظلمات ، والانتهاكات الحسيمة لحقوق الإنسان ، وما يجري في الدوائر الادارية و المجالس المنتخبة المحلية والإقليمية من معاملات وصفقات مشبوهة تمتص ميزانية الدولة و تعطل مسيرتها التنموية. 

صحافة تعكس المرآة الحقيقية الشفافة التي من خلالها تقيس الوعي المجتمعي، وانتظارات المواطنين، و الديمقراطية وحرية التعبير في احترام تام لميثاق أخلاقيات المهنة الصادر عن المجلس الوطني للصحافة، ولقيم ومبادئ هذه المهنة الشريفة والطاهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى