الانتفاضة
محمد تغزوت/صحفي متدرب
شهد العالم خلال السنوات الأخيرة ثورة تكنولوجية هائلة نتيجة تقدم البحث العلمي،ساهم في ظهور الثورة الرقمية والذكاء الإصطناعي،وبروز مواقع التواصل الإجتماعي بكل أنواعها (واتساب ،فايسبوك ،تويتر وغيرها)،مماجعل الوصول الى المعلومة أو الخبر بشكل آني وسريع في جميع بقاع العالم، أمرا سهلا وفي جل الأوقات عكس ما كان عليه سابقا،حيث يتطلب الوصول اليها مجهودات كبيرة وفترة زمنية طويلة،رغم التطور في نشر وإذاعة الأخبار على منصات وسائل التواصل الإجتماعي،الشي التي تمخضت عنها ظاهرة خطيرة تمثلت في إنتشار الأخبار الزائفة”FAKE NEWS”،ويقصد بها شكل من أشكال الأخبار التي تحتوي على معلومات مظللة و منتشرة على الأنترنت، تكتب وتنشر عادة بهدف التضليل من أجل إلحاق الضرر بكيان أوشخص، والهدف من ذلك تحقيق بعض المكاسب المالية أو السياسية، وغالبا ماتستخدم عناوين مثيرة أو غير أمنةاو ملفقة لزيادةعدد القراء،وكذا زيادة إيرادات الإعلانات من هذا النشاط وجذب المساهمين الى مواقع الويب الخاصة بهم،وساهمت وسائل التواصل الإجتماعي وخاصة الفايسبوك في إنتشار الأخبار الزائفة بشكل كبير وسريع دون الإدراك بخطورتها،خصوصا على عقل ونفسية الإنسان وإستقرار المجتمع ، منه ما عاشه المغرب إبان جائحة كورونا،حيث انتشرت فيها مجموعة من الأخبار الكاذبة التي سارعت بعض الصفحات إلى نشرها،مثل نفاذ مخزون المحلات والمتاجر الممتازة من المواد الغذائية والأساسية، وما يحتاجه المواطن في حياته اليومية، مما سبب ذعراً وقلقاً نفسيا لعدد كبير من المواطنين، ودفعهم إلى الانكباب على هذه المحلات، الشيء الذي أدى إلى ازدحام منقطع النظير و فوضى عارمة وخرق شرط التباعد الصحي للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا حينها.
لكن السؤال المطروح هو كيف يمكن محاربة هذه الظاهرة ؟
لقد استأثرت ظاهرة إنتشار الأخبار الكاذبة بالمغرب بإهتمام الفاعلين الحقوقيين والسياسين وكذا الصحافيين المهنيين،و جعلتهم ينكبون لوضع إستراتيجية تروم التصدي لهذه الأفعال، حيث تم إقتراح العمل على تعزيز حرية الرأي والتعبير، كما عززه دستور 2011، الذي نص على أن حرية الصحافة لا يمكن تقييدها بأي شكل من الأشكال، وذلك لبناء منظومة إعلامية وطنية”، و”حتى يلعب الصحفي دور الوسيط في ظل التدفق العالي للمعلومة وتحيين مدونة الصحافة، والتنظيم الذاتي للمهنة، ووضع الصحفي المهني، وتطوير نماذج أخرى لـ”تمنيع النموذج الاقتصادي” لوسائل الإعلام .
وخلال لقاء تواصلي عقده المجلس الوطني الاقتصادي والبيئي، يوم الأربعاء 15 فبراير 2023 بالرباط، كشف فيه خلاصات الرأي الذي أعده في إطار الإحالة الذاتية، بعنوان “الأخبار الزائفة: من التضليل الإعلامي إلى المعلومة الموثوقة والمتاحة”، دعا خلالها الى دعم المبادرات الرامية إلى إنشاء نُظم لرصد وتبادل المعلومات الزائفة بين المهنيين الإعلاميين، وذلك للتحقق من هذه الأخبار قبل نقلها والحد من انتشارها قدر الإمكان، وإحداث نظام علامة مميزة موجهة لمواقع “التحقق من المعلومات”، وطلب أيضا ضرورة الحق في الحصول على المعلومة، لا سيما من خلال إقرار إلزامية نشر جميع الوثائق الرسمية العمومية في غضون أربع وعشرون ساعة من الإدارة، وأوصى المجلس بتعزيز قدرات المستعمِلين والمهنيين، وتشجيع البحث العلمي والتعاون الدولي، وذلك من خلال وضع برامج للبحث وتطوير آلياتٍ للرصد والتصدي لانتشار الأخبار الزائفة، بشراكة بين الدولةُ والمهنيين والجامعات وحث المجلس على ضرورة تعزيز الانخراط في الجهود الدولية لرصد ومكافحة الأخبار الزائفة، وذلك مواكبةً للتطورات التكنولوجية في هذا المجال، علاوة على إحداث بوابة رقمية عمومية للتحقق من المعلومات بخصوص الأخبار الرسمية في المغرب.
وشدد المجلس على رصد كل المبادرات التي تم إطلاقها على مستوى عدد من المؤسسات الإعلامية (وكالة المغرب العربي للأنباء والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وغيرهما)، وتقديم الدعم المالي لمواقع “التحقق من المعلومات” من خلال صناديق مستقلة على غرار صندوق الخدمة الأساسية للمواصلات.ودعا تقرير رأي المجلس إلى اعتماد رؤيةٍ تَستَنِد إلى أدواتٍ ومقاربات تكفل حصول المواطنات والمواطنين على المعلومة المؤكدة، مع تزويدهم بالوسائل التي تمكنهم من رصد الأخبار الزائفة ومن ثم الحد من انتشارها.