كتاب الآراء

أكلة البطاطس الجديدة !!

الانتفاضة

أحمد بومعيز .

قالت الأم للولد :
– كل البطاطس!
قال الولد :
– أنا لا آكل البطاطس.
قالت الأم للعصا :
– اضربي الولد!
قالت العصا :
أنا لا أضرب الولد

.……
…هكذا تعلمنا أصول القراءة و الفهم والتأويل ،نحن جيل ” إقرأ” ،في نصوص مقررات الراحل أحمد بوكماخ .
..كانت يومها البطاطس أرخص بكثير .. وكانت الأم الفقيرة في البيت الفقير، تعد البطاطس على وفرتها .. حتى مل الأطفال الفقراء ذلك ،وتمردوا آنذاك على أكلة البطاطس ..
وتمردوا على الأم ..
وتمردت العصا على أوامر الأم الآمرة بضرب الطفل المتمرد على أكلة البطاطس، وعلى طعام الأم المتوفر في البيت الفقير آنذاك …
..لكن الآن ،وفي نفس البيت الفقير ،ونفس الأم الفقيرة … ونفس الطفل أو الولد ،بعد أن ازداد كبرا وشهية ..وازداد تمردا.
..هي الأم الفقيرة الآن تبحث عن أكلة البطاطس كي تقدمها لابنها الطفل الجائع المتمرد ،فلا تجد !!
والطفل والولد الجائع نفسه ،في نفس البيت الفقير ،يقول متمردا على جوعه وعلى أمه ،ويطالبها بحقه في الأكل ولو بطاطسا :
ويقول الولد :
أريد أن آكل البطاطس!
تقول الأم :
– لا توجد بطاطس.
يقول الولد :
أريد أكل البطاطس!
تقول الأم للعصا :
– اضربي الولد كي لا يطلب أكل البطاطس!
تقول العصا :
– أنا أضرب الولد كي يكف عن الأكل وعن طلب أكلة البطاطس ..

ربما هكذا تستقيم الحكاية الجديدة لقصة أكلة البطاطس..
هكذا تستقيم الرواية وفق فوضى السوق المحمية بقانون حرية الأسعار والمنافسة ،وسعار أسعار السوق المفتوحة على سلطة المضاربين والمحتكرين والوسطاء..
ولا حديث ،في البيوت والمقاهي والمؤسسات والسوق والأسواق مؤخرا إلا عن غلاء البطاطس،…بل عن غلاء كل أنواع الخضر، وكل أنواع اللحوم ،وكل أنواع السلع والخدمات ..
فلا شيء يعلو على صوت وسوط الغلاء ..
وكل من أراد أن يرفع السعر فليفعل ،لا حرج !! ..
وهنا وفي كل مكان في الوطن،الغلاء والأسعار هزمت الأمهات والآباء والأسر، والحكومة..!!؟؟
والحكومة زعمت أو قالت أنها حكومة إجتماعية..!!!
فكيف نعيد صياغة المفهوم الاجتماعي للحكومة ؟؟!!
هل هي الحكومة التي تصل ،في الثلث الأول من فترة ولايتها ،أسعار البطاطس.. والمواد الأساسية كلها، إلى ما وصلت إليه،في سوق تعمها الفوضى ؟؟!!
أم هي التي تنتظر من أبناء الشعب الجياع الخروج إلى الشارع كي يحتجوا مطالبين بتوفير الأكل ولو كان أكلة بطاطس!!!؟؟؟
ويومها …قد نقول، أو قد تقول الحكومة الاجتماعية نفسها ،وبعد فواة الأوان ،في الخطب وعبر الشاشات وفي وسائط التواصل الاجتماعي والرسمي :
هؤلاء أولاد وأطفال مارقون !!؟؟
هذا شعب مارق!!؟؟؟
وقد تقول الحكومة آنداك للعصا:
– اضربي أولاد الوطن الجياع!
وقد تقول العصا :
– أنا لا أضرب أولاد الوطن الجياع.!!

وفي سياق نفس النازلة،وفي نفس الحديث عن فوضى الغلاء والسوق في الوطن ، قد تكون للحكومة أجوبتها الرسمية، ومبرراتها ، وتفسيراتها، وتعليلاتها، وتحليلاتها ” الماكرو عالمة” لظاهرة الغلاء الهستيري الذي يعم الوطن، من قبيل:
– ارتفاع معدلات التضخم عالميا،واستيرادها إلى الوطن ..
– ارتفاع أثمنة الحبوب والزيوت في السوق الدولية واستيرادها للوطن ..
– ارتفاع أثمنة المحروقات ونحن نستوردها للوطن ،كي تبيعها الشركات المحتكرة بهوامش ربح سمينة لا إجتماعية، لكل أبناء الوطن ..
– أو أن روسيا أعلنت الحرب على أوكرانيا فارتفع سعر الطماطم والبطاطس والعدس والحمص والفول في أسواق الوطن ..
– وأن الجفاف يضرب الوطن منذ سنتين، ومنسوب المياه منخفض، ونحن نصدر الخضر والفواكه والبواكر من الوطن إلى أوروبا أو غيرها، خارج الوطن…
– وأن كورونا كانت السبب في احتقان الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الوطن ..

…وقد تقول الردود الرسمية أشياء أخرى ،وبأساليب أخرى ،وبمبرارات أخرى ،وهي كلها عن الوطن …
لكن الخوف كل الخوف!!
– أن لا يجد أطفال الوطن غدا أكلة بسيطة في البيت الفقير حتى ولو كانت أكلة بطاطس..
وأن لا يجد الأب الفقير، والأم الفقيرة،ثمن تلك البطاطس، في زحمة فوضى السوق المشتعلة غلاء في كل أرجاء الوطن .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى