دولية

أسبوع بعد زلزال تركيا.. الأولوية لإيواء المتضررين وتساؤلات حول معايير السلامة

الانتفاضة

مر أسبوع على أسوء كارثة إنسانية وطبيعية عرفتها تركيا في تاريخها. زلزال مدمر خلف وراءه حصيلة بشرية ثقيلة وخسائر مادية فادحة. ومع تضاؤل آمال إيجاد ناجين جدد تحت الأنقاض، ترتكز جهود السلطات التركية والمجتمع الدولي على إيواء المتضررين وإيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة.
زلزالان عنيفان بقوة تقارب 7,7 درجات ضربا جنوب تركيا يوم الاثنين الماضي، خلفا دمارا شاملا وغير مسبوق بعشر ولايات تركية وبعض المحافظات في شمال سوريا، في منطقة تعادل مساحة بعض الدول متوسطة الحجم.
قرابة 30 ألف قتيل، و80 ألف جريح.. والحصيلة دائما في ارتفاع متواصل، مع ملايين الأشخاص المتضررين. لم تشهد البلاد أو المنطقة مثل هذه الكارثة، ولم يكن أحد مستعد أو ينتظر هذا السيناريو المرعب.
وما زال الوقت مبكرا للحديث عن إعادة الإعمار، أو عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للكارثة. الآن يقول المسؤولون الأتراك إن اهتمامهم ينصب على الناجين الذين فقدوا كل شيئ، ويجب تمكينهم من ظروف حياة تصون كرامتهم وتخفف من معاناتهم، علاوة على عودة الخدمات الأساسية للمناطق المنكوبة من قبيل الغاز والكهرباء والماء الصالح للشرب.
ومنذ الاثنين الماضي، حاولت السلطات التركية توفير خيم وبناء مراكز إيواء مؤقتة، لكنها واجهت صعوبات كبيرة للقيام بذلك نظرا لشاسعة المساحة المتضررة، وعدد المتضررين الضخم، وسوء الأحوال الجوية التي ميزت الأيام الأولى بعد الزلزال، وكذا تضرر الطرق والبنى التحية للمناطق المنكوبة.
إلا أنها تداركت الأمر مع الزخم التضامني الوطني والدولي الواسع، وتم إلى غاية نهاية الأسبوع الماضي، إيواء أكثر من مليون شخص في مراكز إيواء مؤقتة، وأكثر من 460 ألف متضرر في المدارس والأحياء الجامعية والفنادق ومساكن المعلمين.
كما تم عبر طائرات الخطوط الجوية التركية وشركات الطيران الأخرى إجلاء أكثر من 150 ألف شخص من المناطق المنكوبة إلى باقي الولايات التركية غير المتضررة. وكانت رئاسة الجمهورية قد أكدت أن الدولة ستضمن انتقال الضحايا الذين لا يريدون البقاء في الخيام إلى منازل مع التكفل بتكاليف الإيجار.
ورغم ذلك، تظل احتياجات المتضررين هائلة حيث حذر الهلال الأحمر التركي، أمس الأحد، من أن هناك نقصا في مراكز الإيواء والمساكن، داعيا إلى توفير المزيد من المستلزمات الطبية والمواد الغذائية وغيرها.

** آلاف البنايات المدمرة، وتساؤلات حول مدى احترام معايير السلامة **

بعد مرور الأيام الأولى من الصدمة، وأمام الدمار الهائل الذي خلفه الزلزال مع أكثر من 24 ألف بناية مدمرة، يطرح المواطنون الأتراك تساؤلات عدة حول معايير سلامة البناء ومدى احترامها من قبل المنعشين العقاريين.

فمنذ زلزال منطقة مرمرة لعام 1999، والذي خلف أكثر من 17 ألف قتيل، اعتمدت تركيا سلسلة صارمة من المعايير وقوانين البناء المضاد للزلازل، وكان من المفترض أن تصمد جميع البنايات المشيدة بعد هذا التاريخ أمام الهزات القوية… فعلا يمكن أن تعاني من تصدعات وأضرار لكنها لن تنهار في وقت الهزة، من أجل ترك مجال زمني للسكان للنجاة بأرواحهم والخروج من المبنى.

والكل يعي أن البلاد تقع فوق منطقة زلازل ومنطقة جيولوجية من بين الأنشط في العالم، هذا ليس بالشيء الجديد، فلماذا هذه الحصيلة الثقيلة غير المسبوقة ؟.

يوجه المسؤولون الأتراك أصابع الاتهام نحو المنعشين العقاريين، حيث أفاد وزير العدل التركي، بكر بوزداغ، بأن النيابة العامة التركية تعمل على ملاحقة المسؤولين عن إقامة مبان مخالفة للمواصفات، مما تسبب بانهيارها.

وحسب معاينات أولية للبنايات المنهارة، تم اكتشاف انتهاكات بالجملة. ليس فقط أن تلك البنايات لا تحترم المعايير المضادة للزلازل، بل إنها لا تحترم معايير البناء من الأصل. من مواد بناء مغشوشة ورخيصة، إلى الغش في أسس البنايات، وحتى تشييد بنايات ملتصقة ببعضها دون أي حاجز…

وإلى غاية أمس الأحد تم إيقاف 34 منعشا عقاريا، مع إصدار أمر قضائي بمنع سفر جميع من لهم دخل في البناء في المناطق المنكوبة. علاوة على إصدار أكثر من 100 أمر اعتقال.

ومن بين هؤلاء، تم اعتقال منعش عقاري بمطار إسطنبول يوم السبت وهو يحاول الفرار من البلاد. وكان هذا الشخص أحد المقاولين وراء المشروع السكني (رينيسانس) بولاية هتاي المنكوبة.

وتم بناء هذا المشروع سنة 2012، وانهار فور وقوع زلزال الإثنين رغم أنه كان من المفترض أن يكون مقاوما للزلازل. وروج المقاولون وراء هذا المشروع السكني “الفاخر”، الذي يضم 250 شقة، كونه مبني وفقا للمعايير والقوانين الوطنية المضادة للزلازل.

ومن المتوقع أن تشهد تركيا خلال الأيام والأسابيع القادمة حملة واسعة من الاعتقالات ضد هؤلاء المنعشين الذين باسم تحقيق ربح مادي سريع، خاطروا بأرواح مئات الآلاف من الأشخاص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى