الانتفاضة

أرض الفانتازيا

قراءة في كتاب أرض الفانتازي THE FANTAZY LAND للكاتب و الإعلامي الأمريكي كيوت اندرسون KIT ANDERSON والذي استنبط الكثير من خيوط كتابه من الوقائع والأحداث التاريخية ومن المفارقات و التباينات الكثيرة التي تراكمت في المشهد السياسي الأمريكي و المتخبطات العشوائية في التعامل مع الشؤون الداخلية و الخارجية لكل الرؤساء المتعاقبين على حكم الولايات المتحدة الأمريكية، و يوضح الكاتب أنه خلال السنوات الخمسمائة التي سجلت تاريخ أمريكا قد بنيت على قاعدة واحدة لا نظير لها، و هي الأخبار الزائفة و المصطنعة (FAKE NEWS) حتى تكتمل الصورة الحالمة المرسومة في مخيلة المؤسسين للنظام السياسي الأمريكي الذي أسس قاعدته و أركانه على مجتمع أبيض سامي لزمرة من اليمين المتطرف , بعيدا عن قيم التسامح الديني و الأخلاقيات الرفيعة و المثل العليا التي ينادي بها هذا الفيلق الأبيض الذي أذاب عرقا كاملا من الهنود الحمر كساكنة أصلية للقارة الأمريكية و الذي يعود له الفضل في اكتشافها مما يزكي ملكيته للأرض و يعطيه الحق بامتلاكها كحق مكتسب و شرعي , و جاء ندائه الشخصاني و الأناني ليؤكد هذا الطرح الذي بدأت تشتغل عليه ترسانته الصحفية و الإعلامية في شقها السينمائي و ما تشهده هوليود كمدينة سينمائية عالمية قائمة بذاتها من أفلام سينمائية تتسم جلها بالخيال المصنف حسب مقادير الأكلة السياسية المراد طهيها و تقديمها للمجتمع الأمريكي خاصة و المجتمع الدولي الذي يدين الولاء للعم سام كأكلة سهلة الهضم , فجل الأفلام و حتى المسلسلات و كل ماله علاقة بالترسانة الإعلامية الأمريكية تمرر رسائل سياساوية إلى كل من يهمه الأمر .
فالكاتب يلخص مؤلفه في القول بالنزعة الفردية التي ارتبطت بالرجل الأبيض الذي يؤمن ايمانا متجدرا و راسخا بفانتازيا الأحلام الذي تؤثث لملاحم بطولية خيالية تكرس لديه عقدة نرجسية مطلقة كشعب الله المختار فما يشهده القرن العشرين من تحولات علمية و تقنية مكنته من رسم عوالم افتراضية (حقيقية ) تشبه بذلك الإيمان المطلق بكون هذه الهلوسات واقعا حقيقيا لا مراء فيه.
و هذه ظاهرة سلبية و خطيرة بالنسبة للسياسة و الثقافة الأمريكية فقد تطالعك بعض المصطلحات التي تحمله جل فصوله و من ذلك الأخبار الزائفة ما بعد الحقيقة و الخصائص البديلة و هذه التعاريف أو التعريفات كلها لاتعبر عن الصدق الخالص و لا عن واقع موضوعي و إنما مسرحية واقعية يجري تشكيل خيوطها حسب ما تمليه الظروف و الأحوال السياسية الأمريكية .
يتبع…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى